كشف موقع ميدل إيست أي البريطاني تفاصيل ما جرى في كواليس الاتفاق التركي الروسي، الذي نص على إقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب.
والاتفاق الذي تم بين الجانبين، نص على خارطة طريق لإخلاء إدلب من هيئة تحرير الشام لتجنب المنطقة عملية عسكرية من قبل النظام وحلفائه، ما شكل تراجعاً عن الموقف الذي أبدته موسكو حين عقد لقاء ثلاثي بين بوتين وأردوغان وحسن روحاني بقمة طهران، حيث رفض بوتين مقترح أردوغان بوقف إطلاق النار، فما الذي حدث خلال العشرة أيام بين القمتين وغير رأي بوتين؟
وقال الموقع البريطاني إن العرض الأول من الجانب التركي كان هو إطلاق عملية بإدلب ضد هيئة تحرير الشام بالتعاون مع “الفصائل المعتدلة”، وكان الهدف إقامة منطقة شبيهة بتلك المناطق التي أقامتها تركيا في ريف حلب، وضمن هذا المقترح تعهدت تركيا بالسماح بالمرور الآمن للنظام على طريق أم 5 وطريق أم 4 اللذين يصلان بين حلب ودمشق واللاذقية، إلا أن المقترح قوبل بالرفض الروسي.
وتوجه على إثر ذلك وزيرا الخارجية والدفاع التركيان إلى روسيا بعرض جديد، ينص على إنشاء منطقة منزوعة السلاح، مع تعهد بإخلال إدلب من هيئة تحرير الشام، فيما أشار الموقع إلى أن هذا العرض كان قريباً جداً من نيل الموافقة، فيما اعترضت طريقه عوامل أخرى.
وبين أن أحد تلك العوامل هو الصراع الروسي الأمريكي على سوريا، والذي دفع بروسيا لإجراء تدريبات عسكرية ضخمة في المتوسط، حيث لم يشأ بوتين أن يعلن على الملأ الانسحاب من العملية المزمعة بإدلب في خضم هذا الاستعراض للقوة، كما أطلقت الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية بيانات بشأن احتمال شن عملية عسكرية ضد بشار الأسد في حال استخدام الكيماوي، حيث أراد بوتين إظهار دعمه للأسد في إدلب.
وأوضح الموقع أن تركيا عملت على مدى أشهر على التفريق بين فصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام بإدلب، وكان لها بعض النجاح، حيث انضمت آلاف العناصر من الهيئة لفصائل مدعومة من تركيا.
وإذا لم ينجح التفكيك والفصل، فهناك مسار بديل يتمثل في استهداف هيئة التحرير الشام بعمليات عسكرية محدودة بالتعاون مع فصائل أخرى معارضة.
وقال مصدر دبلوماسي رفيع إن الأسلحة الثقيلة والشاحنات لدى فصائل المعارضة بالمنطقة منزوعة السلاح ستسلم إلى الفصائل الموجودة بإدلب، لا إلى تركيا.
وستسيطر تركيا أيضا على طريقي أم 5 وأم 4 وتضمن الأمن عليهما، وهما الآن تحت سيطرة هيئة تحرير الشام وفصائل مدعومة تركيًا، يث ستقوم أنقرة بإزالة حواجز التفتيش التابعة للفصائل والهيئة، وتسمح بالمرور الآمن للمركبات التابعة للنظام لتمكينها من مواصلة التجارة.
وتخطط أنقرة، بحسب مسؤولين أتراك لإعادة توطين حوالي ثلاثة ملايين لاجئ سوري يقيمون حاليا في تركيا، في مناطق شمال غرب سوريا بين عفرين وجرابلس، ولكن في حال شن النظام عملية في إدلب فإن أنقرة ستضطر لنقل الفارين من المدينة إلى تلك المناطق، ولن يبقى مكان للاجئين في تركيا.
وبحسب الموقع فإن موسكو تسعى أيضا لفتح قناة اتصال مباشرة بين النظام وأنقرة، تراها ضرورية خلال العملية السياسية، فيما أكد مصدر دبلوماسي تركي أن بلاده لن تطلق محادثات مع نظام الأسد لكنها تبحث عن سبل للتواصل بعد سنوات من الحرب.
وتقول مصادر أمنية تركية ومصادر من المعارضة السورية على الأرض إن الاتفاق ينطوي على مخاطر بالنسبة للمعارضة، فيما أوضح مصدر بالمعارضة يقوم بإجراء محادثات مع المخابرات التركية بإدلب أنه “لن تكون لنا أسلحة ثقيلة بالمنطقة منزوعة السلاح، ولا للنظام، لكن عدم التكافؤ سيكون بسبب القوات الجوية الروسية”.
وأضاف أنه إذا وقع أي نزاع أو انتهاك فإن القصف الجوي سيقوض المعارضة على الفور، قبل أن تستعيد أسلحتها الثقيلة للدفاع عن نفسها.
وحين سئل مسؤول تركي عن مخاطر الاتفاق، قال إن بلاده تعمل على تدعيم نقاط المراقبة الـ 12 التي تقيمها بإدلب (ضمن اتفاق أستانا) تحسبا لأي نزاع. وأضاف “لن نترك نقاطنا هناك، فهي ستساعدنا على تأمين ما كسبناه على الأرض حين تبدأ العملية السياسية، حتى إذا انسحبت الفصائل في حالة وقوع هجوم”.