اختتمت مساء أمس السبت حملة التبرعات المجتمعية “حلب ست الكل”، التي أطلقتها محافظة حلب بهدف جمع التبرعات لدعم إعادة إعمار المدينة وتأهيل بنيتها التحتية المُدمَّرة بعد سنوات طويلة من الحرب، وحققت الحملة التي امتدت على مدار ثلاثة أيام أرقاماً قياسية في التبرعات، تجاوزت 426 مليون دولار أمريكي، مسجلةً بذلك أعلى حصيلة بين الحملات المماثلة في المحافظات السورية الأخرى.
وقد شهدت حملة “حلب ست الكل” إقبالاً متصاعداً يوماً بعد يوم، حيث قفزت قيمة التبرعات من 150 مليون دولار في اليوم الأول إلى أكثر من 270 مليون دولار بنهاية اليوم الثاني. وفي اليوم الثالث والأخير، أعلنت الصفحة الرسمية لمحافظة حلب تجاوز إجمالي التبرعات حاجز 380 مليون دولار، ثم وصل الرقم إلى 426 مليونا، وبيّن محافظ حلب، عزام الغريب، حجم الدمار الذي تستهدفه الحملة، وأشار إلى تضرر أكثر من 35 ألف مبنى بدرجات متفاوتة، وخروج مئات المدارس والمرافق الصحية عن الخدمة، وتضرر نحو ثلث المخزون السكني في المدينة.
فعاليات ومبادرات بارزة خلال الحملة
تميزت أيام الحملة بعدد من المبادرات والفعاليات التي سلطت الضوء على البعد المعنوي، بما في ذلك تبرعات مؤسسية كبرى، حيث ساهمت مؤسسة الآغا خان للتنمية – على سبيل المثال – بمبلغ 5 ملايين دولار لتنفيذ مشاريع تنموية.
وشهدت الحملة مزادات على مقتنيات ذات رمزية ومزاداً خيرياً بيعت فيه مقتنيات تحمل دلالات خاصة، مثل ساعة يدوية أهداها الرئيس أحمد الشرع لمفتي حلب بـ 5 ملايين دولار، كما بيعت بندقية الشهيد عبد القادر الصالح (حجي مارع) بنفس المبلغ، وتبرع المشترون بقيمتها للحملة.
وأعلن عن الكثير من التبرعات الفردية المؤثرة، حيث تبرع الطبيب حمزة الخطيب بسماعته الطبية التي رافقته لسنوات، وتم شراؤها بـ 150 ألف دولار، كما تبرعت سيدة بـ “آخر تذكار” من شقيقها المعتقل، وتبرعت طفلة من حمص بجهاز لوحي (تابلت) أهداه لها الرئيس، وبيعت قيمته في المزاد.
وأعلن ممثل وقف المعارف التركي عن تبرع بقيمة 3.5 مليون دولار، ضمن حملة “حلب ست الكل”، كما تعهد سفير أبخازيا بتمويل 50 عملية جراحة عينية بقيمة 500 ألف دولار.
الرؤية والأهداف
أكد المسؤولون والمشاركون أن الهدف يتجاوز جمع الأموال إلى إطلاق مرحلة جديدة من التعافي، وأشار وزير التعليم العالي، مروان الحلبي، إلى أن “البناء الحقيقي لحلب يبدأ بأهلها ثم بحجارتها”، فيما وصف مفتي حلب، إبراهيم شاشو، الحملة بأنها “ساعة الصفر” لإعادة البناء.
وتهدف الحملة بشكل أساسي إلى تأهيل البنية التحتية الحيوية في القطاعات الخدمية والاقتصادية والتعليمية والصحية، وهو ما عبر عنه أهالي حلب بأملهم في أن “تسهم الحملة في تحسين الواقع الخدمي والمجتمعي”.
ويرى متابعون أن حملة “حلب ست الكل” نجحت في تحويل شعارها إلى واقع ملموس، ليس فقط عبر الرقم المالي القياسي، بل من خلال تعبئة المشاعر الوطنية وإعادة إحياء روح التكافل المجتمعي.
