طالبت النيابة العامة الفرنسية لمكافحة الإرهاب، بفرض غرامة مالية قياسية على شركة الإسمنت العملاقة “لافارج” بلغت مليار و125 مليون يورو، وذلك في سياق محاكمة تاريخية تتهم فيها الشركة وثمانية من مسؤوليها السابقين بـ”تمويل الإرهاب” خلال عملها في سوريا.
جاءت هذه الطلبات القضائية أمس الثلاثاء، في الجلسة الختامية للمحاكمة التي استمرت تسعة أسابيع، حيث طالبت النيابة أيضاً عقوبات بالحبس تصل إلى 8 سنوات بحق المدراء السابقين، في قضية هزت الأوساط الاقتصادية والقانونية في فرنسا.
تفاصيل الاتهامات والطلبات القضائية
تبلغ الغرامة التي طالبت النيابة بفرضها على الشركة 1.125 مليار يورو، مع مصادرة أصول بقيمة 30 مليون يورو، أما للمسؤولين فقد طلبت النيابة أحكاماً متفاوتة تتراوح بين السجن مع وقف التنفيذ والسجن الفعلي، حيث كانت أشدها 8 سنوات حبساً للمُتهم السوري فراس طلاس (غيابياً)، وهو الوسيط الرئيسي المطلوب دولياً، مع 6 سنوات حبساً واحتجاز فوري، وغرامة 225 ألف يورو، ومنع من مزاولة أي نشاط تجاري أو إداري لعشر سنوات، للرئيس التنفيذي السابق للمجموعة برونو لافون.
وطالبت النيابة أيضاً بفرض غرامة جمركية تضامنية قدرها 4.57 مليار يورو على الشركة وأربعة من المتهمين، لعدم امتثالهم للعقوبات المالية الدولية المفروضة على النظام البائد.
وتَدَّعى النيابة بأن المجموعة الفرنسية، عبر فرعها “لافارج سيمنت سوريا”، دفعت خلال عامي 2013 و2014 ملايين اليورو لجماعات مسلحة، بينها تنظيم الدولة، لضمان استمرار عمل مصنعها في بلدة الجلابية شمال سوريا.
وبينما سارعت شركات دولية أخرى إلى مغادرة سوريا مع تصاعد العنف عام 2012، اختارت لافارج سياسة مختلفة، حيث أخلت موظفيها الأجانب فقط، وأبقت على العمال السوريين لمواصلة الإنتاج حتى أيلول 2014، تاريخ سيطرة تنظيم الدولة على المنطقة المحيطة بالمصنع بشكل كامل.
تأثير المحاكمة وأهميتها
تعتبر هذه القضية سابقة قضائية عالمية، حيث تُحاكم شركة كبرى بتهمة “الجرائم ضد الإنسانية” و”تمويل الإرهاب” نتيجة لأنشطتها التجارية في منطقة حرب، وتراقب دوائر القانون والأعمال حول العالم عن كثب حكم المحكمة الذي من المتوقع صدوره في وقت لاحق، لما قد يشكله من سابقة تلزم الشركات متعددة الجنسيات بمسؤولية أكبر في مناطق الصراع.
ويواجه المتهمون تهماً بالتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية وتهديد حياة العمال، بينما تنفي لافارج والمدعى عليهم أي تمويل للإرهاب، مؤكدين أن الهدف كان حماية موظفيهم السوريين والحفاظ على الأصول.






