تُستكمل في باريس جلسات محاكمة تاريخية لشركة “لافارج” الفرنسية للإسمنت، بتهمة تمويل “جماعات إرهابية”، في الوقت الذي تكشف فيه الشهادات عن علاقات محتملة مع أجهزة الاستخبارات الفرنسية.
ومن المقرر أن تستمر المحاكمة حتى 19 ديسمبر/كانون الأول 2025، وهي الأولى من نوعها على مستوى العالم حيث تُحاكم شركة كشخص اعتباري على هذه التهمة، و أبرز أطراف المحاكمة الحالية هي: لافارج (كيان قانوني) تُحاكم كـ”شخص اعتباري” بتهم تمويل الإرهاب وانتهاك عقوبات الاتحاد الأوروبي.
أما المتهمون الأفراد فهم 8 أشخاص: المديرون التنفيذيون السابقون (4 فرنسيين): برونو لافون (المدير التنفيذي السابق)، كريستيان هيرّو، برونو بيشّو، فريديريك جوليبواغ، والوسطاء السوريان (2): يُزعم تفاوضهما مع الجماعات المسلحة (أبرزهم فراس طلاس)، و المسؤولان الأمنيان (2): أحدهما أردني والآخر نرويجي.
التهم والادعاءات الرئيسية
تتهم المحكمة الشركة بتمويل “جماعات إرهابية”، عبر دفع “رسوم حماية” (أتاوات) وإجراء مشتريات بملايين اليوروهات لضمان استمرار عمل المصنع في منطقة شمال سوريا بين عامي 2012 و2014، وقد شملت المدفوعات تنظيم “الدولة” وجبهة النصرة وحركة أحرار الشام.
وقدرت القيمة المالية لهذه الترتيبات من قبل القضاة المحققين بما لا يقل عن 5 إلى 13 مليون يورو لأغلبية مصدرين، مع تباين في التقارير .
كما تواجه لافارج تهمة انتهاك العقوبات الدولية عبر مخالفة حظر الاتحاد الأوروبي على إقامة أي علاقات مالية أو تجارية مع “تنظيمات إرهابية”، خاصة بعد تصعيد العقوبات الدولية عام 2014.
الشهادات البارزة ودور الاستخبارات الفرنسية
أقر المدير التنفيذي السابق، فريديريك جوليبواغ، بأن رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسية (DGSE) اتصل به “لتوظيف بعض موظفينا السابقين مخبرين”، مما يشير إلى علاقة بين الوجود التجاري لـ”لافارج” والمصالح الاستخباراتية الفرنسية.
وأكد المدير التنفيذي الأسبق برونو بيشّو أن الإدارة في باريس رفضت وقف العمل رغم تدهور الأوضاع الأمنية وتوصية الحكومة الفرنسية لمغادرة سوريا.
من جانبه نفى شاهد من جهاز الاستخبارات الداخلية الفرنسية (DGSI) خلال الجلسة طلب أي معلومات استخباراتية من موظفي “لافارج”.
وقدمت شهادات الموظفين السوريين السابقين تصورات عن مدى خطورة الوضع وكيفية فرارهم من المصنع عند هجوم تنظيم الدولة عام 2014، مشيرين إلى معاملتهم غير المتكافئة مقارنة بالزملاء الأجانب الذين أُجلوا مبكراً.
التطورات القضائية السابقة والعقوبات المحتملة
تواجه الشركة تتهما تتعلق بالتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية، حيث تُحقق هيئة منفصلة في هذه التهمة الأشد، والتي تشكل سابقة عالمية، وتتعلق المحاكمة الحالية فقط بتهمتي تمويل الإرهاب وانتهاك العقوبات.
وتمتد المحاكمة الحالية حتى 19 ديسمبر 2025، فيما تصل العقوبات المحتملة على الأشخاص إلى 10 سنوات سجن وغرامة 225,000 يورو.
وحول العقوبات المحتملة على الشركة فهي تشمل غرامة تصل إلى 1.125 مليون يورو لتمويل الإرهاب، وقد تصل إلى 46 مليون يورو لانتهاك العقوبات (10 أضعاف قيمة المخالفة).
وفي سابقة على مستوى الولايات المتحدة فقد اعترفت “لافارج” عام 2022 (التي اندمجت مع “هولسيم” السويسرية) بتمويل “الجماعات الإرهابية” في سوريا ودفعت غرمة قياسية بلغت 778 مليون دولار كجزء من اتفاقية اعتراف بالذنب، منهية الإجراءات الأمريكية ضد الكيان القانوني فقط.






