أكّد حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، أن عملية استبدال العملة السورية قد تمتد لنحو 5 أعوام، متوقعًا أن تشهد البلاد حركة استثمارات قوية خلال تلك الفترة.
وقال حصرية في لقاء مع “سكاي نيوز عربية”، أمس الاثنين، في إجابته على سؤال حول موضوع الليرة الجديدة، وما إذا كان إلغاء صفرين من الليرة قد يؤثر على قيمة العملة الحقيقية، إنه: “من المهم أن ندرك أننا نغيّر القيمة الاسمية فقط، أي أننا نحذف صفرين، وإحدى الغايات الرئيسية من هذه العملية هي تبسيط المعاملات”، منوّهًا بأن عملية الاستبدال تمر بثلاث مراحل وستستمر لمدة 5 سنوات، وأن المصرف ملتزم باستبدال أي ليرة قديمة خلال هذه المدة.
هل هناك داعٍ للمخاوف؟
في تعليقه على سؤال بخصوص المخاوف من أن حذف صفرين قد يؤثر على القوة الشرائية، أكد حصرية أن ذلك غير دقيق، قائلًا: “يجب إدراك أنه عند اتخاذ أي قرار اقتصادي، لا ينبغي التفكير فقط في المخاوف والسلبيات. مع احترامي لكل التحليلات التي تنتشر، وكل التعليقات، نحن متابعون لكل ما يتم تداوله. نحن نتخذ القرار، ثم نرى نتائجه ونقيّمه، ونرى ما إذا كانت له مخاطر. عندما اتخذنا هذا القرار كنا واعين تمامًا بأن هذه هي اللحظة المناسبة اقتصاديًا، وعلينا أن نواكب حجم الإنجاز والتغيّر السياسي الذي يحصل”.
أما بشأن طريقة سحب العملة الموجودة حاليًا، ووجود مخاوف بشأن ترتيباتها، نوّه حصرية بأن “المشرّع الذي ينظم الحياة العامة لا يفترض الافتراضات السلبية.. نحن نفترض أن 80 بالمائة من الناس ضمن ظروف طبيعية وإيجابية، وهناك 10 بالمائة من الناس في ظروف جيدة بغض النظر عن البيئة، و10 بالمائة قد نحتاج – لا سمح الله – للتعامل معها بطرق مختلفة. نحن ننظر دائمًا إلى نسبة الثمانين في المائة من السوريين، حيث الأداء حتى الآن ملتزم وحضاري ومنضبط. السوريون ضربوا المثل في القدوة للعالم بطريقة التغيير السياسي، فلذلك هذه لحظة مفصلية نحاول استغلالها”.
وأشار إلى وجود قانون ينظم عملية استبدال العملة، وهو “القانون 23″، الذي يحدد الحد الأدنى لمدة الاستبدال والحد الأعلى، والمُهل القانونية، حيث ستكون هناك مرحلة ما قبل الإطلاق، ثم مرحلة التعايش، ثم مرحلة الاستبدال، التي يمكن أن تصل إلى خمس سنوات.
وأضاف أن عملية تغيير العملة ستكون مضبوطة وستخضع للرقابة، إذ لن يتم المساس بأي وديعة في البنوك تحت أي ظرف، مؤكدًا أن المصرف سيلتزم بتاريخ محدد لرفع القيود عن السحوبات البنكية.
الحد من السحب
قال حاكم المصرف المركزي، حول موضوع الحد من السحوبات، وما إذا كان البنك يعتزم إعادة النظر فيه: “هناك شقّان؛ الشق الأول ينشأ عندما تكون الدولة غير قادرة على الوفاء بالالتزامات، والشق الآخر متعلق بالإجراءات الإدارية. ونحن حتى اليوم لسنا مدينين كمصرف مركزي وكحكومة لأحد. السوريون كشعب عملوا لآلاف السنين في التجارة، وأساس التجارة هو الثقة. ما يحكمنا اليوم هو محدودية الموارد والظروف الصعبة”.
وأضاف: “استلمنا بلدًا نزل تحت الصفر ماليًا، وهناك فرق بين أن أتخلى عن التزاماتي أو أن نحمّل المشكلة للناس أو أن نصارحهم بأن لدينا ظرفًا معينًا يفرض علينا هذا الأمر. نحن نعمل على حل كل الملفات، فهناك دوائر وجهات مدينة للدولة، وهناك أيضًا حقوق للناس منذ عشرات السنين نريد استعادتها، وهذا يحتاج للوقت والتشريعات”.
إمكانية التوجه إلى صندوق النقد أو البنك الدولي
أوضح حصرية أنه ربما من الممكن التوجه نحو أي من المؤسسات المالية العالمية لكن ذلك ليس أولوية؛ قائلا إن “التعامل مع الحلفاء والدول الداعمة لأخذ ودائع أو غير ذلك غير موجود في ذهننا ولا في تصورنا في المصرف المركزي. بالنسبة لنا، فإن علاقتنا مع صندوق النقد الدولي أو البنك هي علاقة تعاون فني، وهناك اجتماعات تعاون فني مستمرة. فمثلًا، هناك برنامج استفادت منه وزارة الطاقة بمبلغ 170 مليون دولار، وسيبدأ سنة 2026”.
ومضى بالقول: “نحن في الحكومة قررنا أن نسلك الطريق الصحيح، بغض النظر عن كونه الأصعب أو الأسهل. ربما نلجأ للاعتماد، أو لأخذ الودائع، لكن تركيزنا على بيئة الاستثمار، لأن الثروة الحقيقية هي الشعب السوري، والبلد فيها فرص كبيرة بحكم تنوعها وموقعها الجغرافي. أما أخذ الودائع فسيكون بمثابة إبرٍ مخدّرة”.
وأكد أن البنك المركزي “دائمًا في حالة تشاور مع وزارات المالية والاقتصاد والمسؤولين المعنيين، ومع الرئيس، في جو مريح جدًا للعمل. فنحن ندرك الأهمية التاريخية للحظة التي نعيشها اليوم”.