رفعت وزارة المالية السورية الحد الأدنى المعفى من ضريبة الدخل الجديدة على الرواتب والأجور، والتي من المقرر تطبيقها مطلع العام المقبل.
وقد أصدر وزير المالية محمد يسر برنية، أمس الأحد، قراراً ينص على رفع الحد الأدنى المعفى من الضريبة موضحا أن ذلك يأتي بعد الزيادة الأخيرة على رواتب وأجور العاملين في القطاع العام، حيث أصبح الحد الأدنى المعفى من ضريبة الدخل 837 ألف ليرة، بدلاً من 279 ألف ليرة.
ويشمل القرار الرواتب التي سيتم دفعها حتى نهاية العام الحالي 2025، إذ يُعتبر هذا الإعفاء مؤقتاً ومحدوداً بالفترة المذكورة، وفقًا لتعميم رسمي صادر عن الوزارة، نقلته قناة الإخبارية السورية.
وفي توضيحه للقرار ونتائجه، قال سعود الرحبي المستشار المالي والمحلل الاقتصادي، لموقع حلب اليوم، إن هذا القرار، وإن كان مؤقتًا، (بمعنى أنه قابل لتتعديل في عام 2026 بموجب تصريحات وزير المالية) فإنه يعكس محاولة الحكومة تخفيف الأعباء المالية عن كاهل الموظفين، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها سوريا.
وأوضح أن من إيجابيات القرار تحسين القدرة الشرائية، فعبر زيادة الحد الأدنى المعفى من الضريبة، يتبقى جزء أكبر من الراتب الصافي في أيدي الموظفين، مما يزيد من قدرتهم الشرائية ويساعدهم على مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة، بالإضافة لدعم الشريحة ذات الدخل المحدود،حيث يستفيد من هذا القرار بشكل خاص أصحاب الرواتب المنخفضة والمتوسطة، الذين يشكلون الغالبية العظمى من الموظفين، مما يسهم في تحقيق قدر من العدالة الاجتماعية.
ويضيف الرحبي أن من إيجابيات القرار أيضا تحفيز الاقتصاد، إذ يؤدي تقليل الضرائب أو رفع الحد الأدنى المعفى من الضرائب – في الغالب – إلى تحفيز الإنفاق ما يعني تنشيط حركة الأسواق المحلية وزيادة الطلب على السلع والخدمات، وهو ما ينعكس إيجابًا على النشاط الاقتصادي بشكل عام.
كما أشار المحلل الاقتصادي السوري، إلى مرونة القرار، فهو مؤقت حتى نهاية العام الحالي بما يتيح للحكومة المرونة في تقييم آثاره وإعادة النظر فيه بما يتناسب مع التطورات الاقتصادية المستقبلية.
ولكن الرحبي يلفت في المقابل إلى سلبيات القرار والمخاوف المحتملة، ومنها التأثير على الإيرادات الحكومية، فقد يؤدي خفض حصيلة الضرائب على الدخل إلى تراجع تلك الإيرادات في الوقت الذي تكون فيه الحكومة بأمس الحاجة لهذه الأموال وهو ما قد يؤثر على قدرتها على تمويل المشاريع والخدمات العامة، خاصة إذا لم يتم تعويض هذا النقص من مصادر أخرى.
وأضاف أن كون القرار مؤقتًا حتى نهاية العام، قد يثير قلقًا بشأن استدامته، فعدم اليقين حول ما سيحدث بعد هذه الفترة قد يقلل من الثقة على المدى الطويل، فضلا عن محدودية الأثر، فربما لا يكون رفع الحد الأدنى المعفى من الضريبة كافيًا وحده لمواجهة التحديات الاقتصادية الكبيرة مثل التضخم وارتفاع الأسعار، خاصة إذا كانت الزيادة لا تتناسب مع معدلات التضخم الحقيقية، وفقا للرحبي.
وأشار المحلل الاقتصادي إلى الحاجة لإصلاحات هيكلية، ودراسة إصلاحات شاملة للسياسة الضريبية، فقد لا يكون هذا القرار المؤقت بديلاً عن الحاجة إلى إصلاحات هيكلية أعمق وأكثر شمولاً للنظام الضريبي لضمان العدالة والاستدامة.
كما أن هناك مشكلة التضخم المحتمل، فإذا لم تكن هذه الزيادة مصحوبة بإجراءات أخرى لضبط الأسعار، فقد يؤدي زيادة القدرة الشرائية إلى ارتفاع الطلب وبالتالي زيادة التضخم، مما يلغي أثر الزيادة في الدخل.
وخلص الرحبي إلى أن هذا القرار يُعدّ خطوة إيجابية ومرحباً بها من قبل الموظفين، حيث يوفر بعض التخفيف من الضغوط المالية. ومع ذلك، يجب أن يُنظر إليه كجزء من مجموعة أوسع من الإصلاحات الاقتصادية، حيث تظل الحاجة ماسة إلى سياسات اقتصادية شاملة ومستدامة لمعالجة التحديات الاقتصادية الهيكلية في البلاد، وضمان أن تكون هذه الإجراءات ذات أثر إيجابي طويل الأمد على حياة المواطنين.
وسيطبَّق في عام 2026 قانون ضريبي جديد لا يزال قيد الإعداد، ومن المتوقع أن يتضمن إعفاءات أوسع وأشمل مما هو معمول به حاليًا، وفقًا لوزير المالية، الذي أصدر مطلع حزيران الفائت قراراً يقضي بتشكيل لجنة الإصلاح الضريبي، لمراجعة ودراسة منظومة الضرائب والرسوم، وإعداد نظام ضريبي جديد، واقتراح التعديلات اللازمة ضمن إطار رؤية إصلاح السياسة الضريبية.