تشير آخر التطورات في السويداء إلى توترات أمنية واشتباكات بين قوات الدفاع والأمن السوري وبين المجموعات الخارجة عن القانون، حيث تجدّدت المواجهات بعد ساعات من طرد تلك المجموعات من مركز المدينة وتأمين المدنيين وإعادة الاستقرار.
ودخل وفد أمني رفيع المستوى إلى السويداء، ظهر اليوم الأربعاء، للقاء الأهالي والاطمئنان على أوضاعهم، وأيضا للتفاوض مع وجهائها حول طريقة تأمين المدنيين وعودة عمل مؤسسات الدولة.
وبالتزامن مع دخول الوفد شنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي غارات جديدة على المنطقة، طالت أيضا العاصمة السورية، وأرسل الاحتلال برسائل تهديد مطالبا بسحب الجيش السوري من السويداء.
وأعلنت وزارة الدفاع فتح ممرات آمنة للمدنيين بعد تمشيط المنطقة المستهدفة بريف السويداء الغربي، فيما تحاول تأمين كامل المحافظة.
التطورات الرئيسية:
بعد عملية طرد المجموعات الخارجة عن القانون أمس، عادت هذه المجموعات لشن اعتداءات استهدفت عناصر الشرطة العسكرية والأمن، مما أدى إلى خرق التفاهمات التي تم التوصل إليها بين قائد الأمن الداخلي ورجال الدين ووجهاء المدينة.
ونفذ طيران الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية استهدفت مواقع انتشار القوات الأمنية والعسكرية، مما أسفر عن استشهاد عدد من عناصر قوى الأمن الداخلي والجيش السوري، وسط جهود مستمرة لاستعادة السيطرة الكاملة وفرض الأمن والاستقرار في المدينة، بالتنسيق مع وجهاء السويداء وأعيانها.
وفيما طالب حكمت الهجري إسرائيل والولايات المتحدة صراحة بالتدخل لصالح المجموعات الخارجة عن القانون، فقد أكد العديد من وجهاء السويداء رفضهم لذلك الموقف، ومن أبرزهم القيادي في تجمع رجال الكرامة ليث البلعوس.
وقال البلعوس إن “موقفنا من إسرائيل ثابت ولسنا بحاجة لمن يحمينا، ونرفض أي مشروع خارجي أو تقسيمي يمس وحدة سوريا”، مضيفا: “لم نر هذه البطولات في عهد نظام الأسد البائد عندما كان يقصف المدنيين، بينما اليوم لدينا دولة قادرة على الدفاع عنا ولسنا بحاجة لوصاية من أحد”.
ولا تزال الاشتباكات مستمرة في بعض أحياء المدينة، مع استمرار الجهود الأمنية والعسكرية لاستعادة النظام، فيما تحاول الطائرات الإسرائيلية تقويض جهود الحكومة.
وتقترب قوات الجيش السوري من السيطرة على مركز المحافظة مجددا، وسط تراجع المجموعات الخارجة عن القانون، والتي تشن هجماتها من جهة الشرق.
كما تحصّنت تلك المجموعات بي المشفى الوطني واتخذته منطلقًا لعملياتها ضد الجيش وقوى الأمن الداخلي، ونشرت عددا كبيرا من القناصين على أسطح المشفى، فيما وجهت وزارة الدفاع نداءات متكررة لتحييد المشفى ومحيطه والسماح لكوادر وزارتي الصحة والطوارئ بالدخول إليه دون استجابة.
خسائر بشرية كبيرة
وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل ما لا يقل عن 169 سورياً وإصابة ما يزيد عن 200 آخرين في محافظة السويداء منذ 13 تموز الحالي في حصيلة أولية.
وتشهد المشافي في محافظتي السويداء ودرعا ازدحاما كبيرا، بسبب وفود الكثير من الجرحى، مع قلة أعداد الكوادر الطبية وضعف الإمكانات، ومخاوف بشأن الإمدادات.
وناشدت مديرية الصحة في السويداء وزارة الصحة والمنظمات المحلية والدولية، لإيصال الدعم، وفتح الطريق، حيث تسببت المجموعات الخارجة عن القانون بقطع اتصال مشافي المحافظة مع دمشق.
وأطلقت الهيئة الإدارية لمستشفى السويداء الوطني نداءً عاجلًا دعت فيه الكوادر الطبية للتوجه فورًا إلى المشفى، نظرًا لتدهور الوضع الصحي والحاجة الملحة للدعم البشري، وانقطاع المياه والكهرباء عن المحافظة، فيما أعلن مستشفى “شهبا الوطني”، دخول حالة الطوارئ العامة، واتخاذ إجراءات عاجلة.
وأكدت وكالة سانا أن مدنيين أصيبا جراء عدوان الاحتلال الإسرائيلي وسط العاصمة دمشق، كما استشهد العميد “معمر إبراهيم” قائد فوج المدفعية في الفرقة 40 إثر غارة نفذتها طائرة مسيّرة تابعة للاحتلال الإسرائيلي في درعا، وسط أنباء عن استشهاد عدة قياديين آخرين.
رفع حدة التدخل الإسرائيلي
أصدر رئيس الطائفة الدرزية في إسرائيل، موفق طريف، بيانًا طالب فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، بما أسماه ”الوفاء بالتزامهما بحماية الدروز في سوريا”، متهما الحكومة السورية بارتكاب “مجزرة مروعة ووحشية”، وطالب جيشَ الاحتلال باتخاذ “إجراء حقيقي لوقف ذلك”، وبشن غارات جوية فورية.
يأتي ذلك رغم إعلان المبعوث الأمريكي الخاص لسوريا، توماس باراك التوسط للتهدئة منذ أمس، والعمل على حل الأوضاع.
وصعدت إسرائيل لهجتها تجاه الحكومة السورية اليوم، حيث طالب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بسحب القوات من السويداء مهددا باستهدافها جميعها، و”فرض سياسة نزع السلاح”.
وأضاف أن جيش الاحتلال “سيستمر في مهاجمة القوات السورية حتى انسحابها من المنطقة، وسوف يرفع قريبًا مستوى الردود إذا لم يتم فهم الرسالة”، فيما ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي، أنه نشر سريتين إضافيتين من حرس الحدود ومن “لواء غولاني”، على الحدود مع سوريا
بدوره قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الناطق بالعربية، أفيخاي أدرعي، إن الاحتلال أغار على بوابة الدخول إلى مجمع الأركان العامة في منطقة دمشق، بينما ”يواصل مراقبة التطورات والأعمال ضد المواطنين الدروز في سوريا”.
وأضاف: “بناء على توجيهات المستوى السياسي يهاجم الجيش في المنطقة، ويبقى في حالة تأهب للسيناريوهات المختلفة”، ملوحا بمزيد من التصعيد ومعتبرا تلك الغارة بمثابة التحذير، وأعقب ذلك غارات عنيفة على مبنى رئاسة الأركان في العاصمة، ما أدي لوقوع عدد من الإصابات، ودمار كبير في المبنى، وسط تحليق مستمر للطيران المسير للاحتلال الإسرائيلي في سماء دمشق.
وأعلن كاتس انطلاق “هجمات موجعة على الأراضي السورية”، فيما نقلت القناة 12 الإسرائيلية عن “مصدر أمني”، أن الضربات الجوية التي نُفذت في دمشق استهدفت قصر الرئاسة، مرجحة أن جيش الاحتلال يتجه لعدة أيام من القتال في سوريا.
