على الرغم من سقوط نظام بشار الأسد، تواصل إسرائيل استهداف مواقع في سوريا عبر غارات جوية مكثفة، وبينما تسعى البلاد للتعافي من عقود من الاستبداد والصراع، تأتي هذه الهجمات لتضيف مزيدًا من التعقيد إلى المشهد الأمني والسياسي في سوريا.
العميد الركن “د عبد الله الأسعد” خبير عسكري واستراتيجي قال في تصريح خاص لـ”حلب اليوم” إن “استمرار إسرائيل في شن الغارات على سوريا يهدف إلى تدمير البنية العسكرية لسوريا البرية منها والجوية إضافة للمطارات، وما تبقى من مخازن الأسلحة وصواريخ استراتيجية والبحوث العلمية.
وأضاف “الأسعد”، أن “إسرائيل تسعى إلى توجيه رسائل متعددة، أبرزها رسالة إلى الأمم المتحدة تفيد بأن اتفاقية الفصل وفك الاشتباك لعام 1974 لم تعد سارية المفعول، كما توجه رسائل إلى الداخل الإسرائيلي مفادها أنه كلما تمكنت من قضم المزيد من الأراضي، يمكن للإسرائيليين توسيع بناء المستوطنات، مع ضمان إنشاء نطاق أمني يبعد أي تهديد أو خطر قادم من سوريا”
وفي تعليق على التصعيد، أكد قائد إدارة العمليات العسكرية “أحمد الشرع” أن القوى الجديدة في سوريا لا تسعى إلى الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل
وأضاف “الشرع” أن “إسرائيل تبرر هجماتها بحجج واهية لم تعد تقنع أحدًا”، مشيرًا إلى أن “تجاوزات إسرائيل الأخيرة لخطوط الاشتباك قد تؤدي إلى تصعيد غير مبرر في المنطقة”.
وكانت الأمم المتحدة قد اعتبرت تقدم القوات الإسرائيلية داخل المنطقة العازلة في الجولان السوري المحتل انتهاكاً لاتفاق فضّ الاشتباك المبرم بين إسرائيل وسوريا في 1974، وأكد المتحدث الأممي، ستيفان دوجاريك، إن القوات الإسرائيلية لا تزال منتشرة في ثلاثة مواقع داخل المنطقة. وشدد “دوجاريك” على أنه “يجب ألا تكون هناك قوات أو أنشطة عسكرية في منطقة الفصل”، داعياً إسرائيل وسوريا إلى” الاستمرار في تنفيذ بنود الاتفاق والحفاظ على استقرار الجولان.
ومنذ سقوط نظام الأسد، يواصل الجيش الإسرائيلي شن غارات مكثفة على أهداف عسكرية في عمق الأراضي السورية، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات توغل من جهة الجولان، وتُبرر إسرائيل هذه العمليات بأنها تهدف إلى منع أي تهديدات عسكرية محتملة من الفصائل المسلحة في سوريا.
وشهد ريف طرطوس على الساحل السوري، مساء الأحد، انفجارات عنيفة ناجمة عن غارات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع للدفاع الجوي، بالإضافة إلى مستودع مواد متفجرة وصواريخ أرض-أرض.
وأظهرت الصور المتداولة ألسنة اللهب وأعمدة الدخان تتصاعد بكثافة في سماء المنطقة، وسط حالة من الذعر بين السكان، ووُصفت هذه الضربات بأنها الأعنف على الساحل السوري منذ عام 2012، كما سجلت أجهزة رصد الزلازل قوة الاهتزازات الناجمة عن الانفجارات بمقدار 3 درجات على مقياس ريختر.
وأدت هذه الغارات إلى تدمير جزء كبير من مقدرات سوريا العسكرية، بالإضافة إلى تحييد شبه كلي لسلاح الجو والدفاعات الجوية السورية، في حين لم تُسجل خسائر بشرية جراء هذه الهجمات.
يُذكر أن إسرائيل شنت خلال سنوات الثورة مئات الغارات الجوية التي استهدفت مواقع عسكرية تابعة لنظام الأسد، وما زالت مستمرة كان آخرها الليلة الماضية حيث شنت غارات إسرائيلية على أطراف مدينة دمشق، وأكد المسؤولون الإسرائيليون مرارًا عزمهم على التصدي لأي وجود عسكري إيراني أو محاولات لتموضع ميليشياتها بالقرب من حدود إسرائيل، باعتبار ذلك تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.