يستعد البرلمان الإيراني للمصادقة على مسودة اتفاق “تعاون اقتصادي إستراتيجية” طويلة الأمد مع سلطة الأسد، وفقا لما أعلنته مصادر إعلامية محلية.
وقالت وكالة مهر الإيرانية، إن الرئيس الإيراني بالإنابة “محمد مخبر” أحال مسودة الاتفاقية إلى البرلمان للمصادقة عليها، حيث تتضمن سداد سلطة الأسد ديونها إلى إيران من خلال الاتفاقية التي تمتد لمدة 20 عامًا ويمكن تمديدها.
وحول تفسير ذلك قال الخبير الاقتصادي السوري، أدهم قضيماتي، لموقع حلب اليوم، إن الاتفاقية المعلنة هي عملية تقنين للأموال التي قدمتها إيران لسلطة الأسد وخاصة في ظل التغيرات السياسية على الساحة الإقليمية.
وكان مجلس الوزراء الإيراني قد وافق على مشروع الاتفاقية بعد تقديمه من قبل وزارة الطرق وبناء المدن والتي ترأس اللجنة الاقتصادية المشتركة بين سلطة الأسد وإيران.
وتتكون الاتفاقية من مقدمة وخمس مواد غير معلنة، وهي غالبًا تتعلق بديون الإمدادات العسكرية، وهو السبب وراء عدم إعلان بنودها من قبل سلطة الأسد، بحسب مراقبين.
ورغم أن “الدعم والخطوط الائتمانية المقدمة من إيران هو شيئ تم الكشف عنه خلال سنوات الثورة السورية”، وفقا لقضيماتي، إلا أن حجم الدين الإيراني ما يزال سرا غير معروف على وجه الدقة.
وبحسب وثيقة مسربة فإن طهران أنفقت أكثر من 50 مليار دولار خلال مشاركة قواتها وميليشياتها في الحرب بسوريا، وقمع الثورة، وهي اليوم تطالب الأسد بسدادها مع منح طهران ميزات ومشاريع استثمارية.
ويلفت الخبير الاقتصادي السوري إلى أن “الديون والاتفاقيات المثبتة مع الدولة أو الحكومة لا يمكن ان تسقط بسقوط النظام أو الحكومة لذلك فإن مثل هذه الاتفاقيات تكون بمثابة تثبيت قانوني معترف به وإن تم التغيير السياسي في سوريا”.
وحول أسباب عقد تلك “الاتفاقية” نوّه قضيماتي بأن إيران لجأت لذلك بسبب التغيرات السياسية على الساحة كعودة سلطة الأسد للجامعة العربية وعودة القنوات السياسية بينه وبين جيرانه، وفتح المعابر.
وبحسب ما نقلته جريدة “الشرق الأوسط” عن “مصادر متابعة في دمشق” فإن “تلويح إيران بورقة الديون، تزامن مع حمى التصريحات التركية المتعلقة بمسار التقارب، كذلك اللقاء المحتمل بين أردوغان والأسد، والجهود الروسية الحثيثة المبذولة في هذا الخصوص وما تلاقيه من دعم عربي”.
واعتبرت “المصادر” أن كشف الطرف الإيراني عن حجم الديون والمدة الزمنية للاتفاقية “والتي هي عشرون عاماً وحتى استرداد الديون”، “يعكس بعضاً من ملامح مطالب إيران، بمعنى حصتها في حال تم الجلوس إلى طاولة التفاوض متعددة الأطراف للوصول إلى مخارج للملف السوري”.
ويثير ذلك الإعلان قضية الديون الخارجية التي رتبتها سلطة الأسد على الخزينة، وفي مقدمتها الدين الروسي، حيث سيكون على السوريين أن يدفعوا لعقود ثمن الصواريخ والرصاص الذي قتل وشرد الملايين منهم.
وكان الروس حريصين على توقيع العقود والاستثمارات في سوريا مع سلطة الأسد، وسط حالة من التنافس مع الإيرانيين، فيما استأثرت موسكو بأهم المنافذ البحرية والجوية.
وحول مدى إمكانية اتخاذها خطوة مماثلة للخطوة الإيرانية، قال قضيماتي، إن “روسيا دولة كبيرة ومنذ بداية تدخلها في سوريا كانت تقوم بعقد الاتفاقيات وكان منها اسثمار النفط والغاز في المياه الإقليمية السورية بالمتوسط والفوسفات في جنوب سوريا، حيت أن العقود تمتد لنحو ٥٠ سنة”.
يذكر أن مدة الاتفاقية قد تمتد “حتى وفاء سوريا بالتزاماتها وسداد الديون المستحقة عليها”، كما يمكن تمديد خطوط الائتمان من طهران إلى دمشق، وهي التي رتبت الديون على سلطة الأسد على مدى السنوات السابقة،ما يعني إمكانية استحقاق مزيد من الديون.
وكان بشار الأسد قد وقع مع الرئيس الإيراني السابق، إبراهيم رئيسي، في أيار 2023، على “مذكرة تفاهم لخطة التعاون الشامل الاستراتيجي طويل الأمد” والتي منحت الإيرانيين مئات الاستثمارات الهامة.