حذر تقرير من خطر حقيقي يهدد استمرار القطاع الصحي العام و المشافي الحكومية في سوريا، بسبب نهج سلطة الأسد، واتجاهها نحو خصخصتها.
وذكر موقع قاسيون أن “غالبية المواطنين يقفون اليوم على مشارف كارثة حقيقية قادمة”، بسبب إصرار سلطة الأسد على “المضي قدماً بسياسات الإفقار، وبنهج إضعاف القطاع العام وتقويض الإنتاج، من خلال تخفيض الإنفاق العام ورفع الدعم تدريجياً عن العديد من المواد والسلع والخدمات الأساسية”.
وأكد أن هناك سعيا نحو إنهاء القطاع العام كلياً، مع تكريس تراجع دور الدولة عن الكثير من مهامها المفترضة والتفريط بها، و”على الرغم من النتائج الكارثية لذلك على المستويات كافة، إلا أن القادم لا يشي إلا بالأسوأ”، مع “موجة جديدة من تخفيض الدعم والخصخصة المبطنة”.
واعتبر الموقع في تقريره أن “الضحية هذه المرة هي القطاع الصحي العام، وخدماته العامة المجانية افتراضاً”.
وكانت جامعة دمشق قد نظمت منذ عشرة أيام ندوة حوارية تحت عنوان (الاستثمار في القطاع الصحي، الإمكانات والغايات…)، بمشاركة ممثلين عن الكليات والوزارات المختصة، بهدف “تبادل الأفكار والآراء من أجل الوصول إلى توصيات ومقترحات تسهم برسم خطة طريق لمشروع الاستثمار في هذا المجال”.
وناقش المشاركون في الندوة محاور شملت “الدور الحكومي المستقبلي وآليات تنفيذه، والتشاركية بين القطاعين العام والخاص في إدارة المنشآت الطبية… وتقييم واقع الخدمة الطبية المجانية وتعزيز دور المؤسسات التأمينية الصحية والاستثمار الجيد والموجه لرأس المال البشري”.
وبحسب التقرير فإن تصريحات وزير الصحة “الصادمة” في الندوة الحوارية “شكلت إعلاناً رسمياً عن التوجه الحكومي باستكمال التفريط بالقطاع الصحي العام، ليصبح بعهدة الاستثمار الخاص، مع ترك رقاب المفقرين تحت رحمة الناهبين والفاسدين”.
وأكد الوزير أن “وزارة الصحة بدأت بتنفيذ الكثير من الأمور المطروحة في الندوة، منها العمل على تحويل المشافي الحكومية جميعها إلى هيئات عامة ومستقلة لها خصوصيتها الإدارية والمالية… والتأكيد على أن الخدمة الطبية المجانية بالمطلق بمكان معين واجب، ولكن أيضاً لها الكثير من المساوئ، انطلاقاً من أن الخدمة المجانية يجب أن يستحقها من يستحقها، وضرورة تعديل بعض التشريعات الأساسية التي لها علاقة بهذا الموضوع”.
من جانبها نقلت صحيفة الوطن بتاريخ 18/3/2024 عن وزير الصحة قوله عن الخدمات المجانية خلال الندوة أيضاً: “لها العديد من السلبيات ويمكن أن تستغل من المقتدرين على تلقي الخدمة بشكل مدفوع جزئياً أو في القطاع الخاص، إلا أنهم يفضلون الحصول على الخدمة المجانية وبالتالي يأخذون دور وفرصة من يستحق الخدمة المجانية”، مشيراً إلى “تكاليفها الباهظة على الدولة”.
وأشار الموقع إلى وجود توجه نحو الخصخصة المبطنة للقطاع العام الصحي عبر التشاركية مع القطاع الخاص، مع نوايا واضحة لعزم سلطة الأسد على استكمال إجراءات تخفيض الدعم على هذا القطاع، وتحديداً على مستوى الخدمات المجانية.
بدوره قال نقيب الأطباء، الدكتور غسان فندي عبر إذاعة المدينة إف إم بتاريخ 13/5/2024: “يعيب المشافي العامة، ولا سيما الأقسام المجانية، سرعة وصول المقتدرين وأصحاب العلاقات أكثر من المرضى الذين يفتقدون هذه الميزات، رغم التأكيد أن القسم الأكبر من خدمات هذه المشافي تذهب إلى الأشخاص الأكثر حاجةً”.
وأكدوجود دراسة بدأت منذ شهر تتجه نحو “تحديد بعض الأسعار ليس بهدف الربح وإنما تخفيف خسارة هذه الهيئات، وذلك ضمن الأقسام المدفوعة منها، مع ضمان أن تبقى التسعيرات أقل من تكاليف الخدمة المُقدمة في سبيل استمرار تقديم الخدمات وتحسين جودتها”.
وعندما سُئل عن موضوع رفع الدعم عن القطاع الصحي أجاب بالآتي: “لا يوجد طب مجاني على مستوى العالم بل هناك جهات تمول هذا الأمر سواء حكومية أو جمعيات خيرية، والتوجه اليوم هو في البحث عن الفئة الأكثر حاجة لهذا الدعم وتوجيهه إليهم، وما تبقى من فئات يدفعون بحسب إمكانياتهم بشكل شخصي أو عبر النقابات وغيرها”.
وأشار إلى أن القطاع الصحي العام و المشافي الحكومية وضعها من سيئ إلى أسوأ، مع إمكانات محدودة وكوادر قليلة، ومستلزمات مسقوفة، وخدمات متراجعة، حيث أُهملت المستشفيات العامة وتراجع دورها مع الوقت، وانحصرت خدماتها في العمليات الجراحية الإسعافية والباردة، وبعض خدمات التصوير الشعاعي والتحليل المخبري، وذلك بسبب سياسات تخفيض الإنفاق العام.
يذكر أن العديد من المشافي الحكومية تعاني نقصا كبيرا في الكوادر والتمويل والتجهيزات، فيما يواجه بعضها خطر التوقف الكامل.