تتزايد الأحداث تداخلاً وتعقيداً وأهمية، مع استمرار التظاهرات السلمية في السويداء جنوب سوريا، وإصرار الأهالي على الحل السلمي وتغيير حكم سلطة الأسد، وهو ما تقابله الأخيرة بالحشودات العسكرية، والتلويح بورقة تنظيم الدولة.
ومع تآكل السيطرة العسكرية لسلطة الأسد ضمن المحافظة، فإنها لا تزال تحتفظ بقواعد ونقاط تتركز في مواقع معينة، إلا أن المجموعات المحلية وجهت إليها عدة ضربات مُذلة؛ كان آخرها إرغام قوى الأمن على إطلاق سراح طالب جامعي من المحافظة اعتقل في اللاذقية، وذلك بعد حجز ضابط ومجموعة من العناصر.
ورغم ذلك يبدو الحراك في السويداء حريصا على السلمية، مع اتخاذ وضع الدفاع عن النفس، والذي يمنع سلطة الأسد من ممارسة أي اعتقالات أو تجاوزات ضمن المحافظة، لكن إعلان الأخيرة أمس ضبط خلية تابعة لتنظيم الدولة، أعاد إلى الأذهان ما حدث عام 2018 عندما استخدمت مخابرات الأسد التنظيم كوسيلة لتخويف الأهالي، وخلط الأوراق بسبب تصاعد الاحتجاجات.
وقال الكاتب والإعلامي والسياسي السوري، العميد السابق لجامعة دمشق، الدكتور يحيى العريضي، لقناة حلب اليوم، إن ما تقوم به سلطة الأسد من تحركات في المحافظة مبعثه أن حراك السويداء “مقلق جداً” لها.
وأوضح العريضي وهو مستشار الهيئة العليا للمفاوضات ومتحدث سابق باسمها، ومن أبناء المحافظة، أن حراكها المستمر أفقد سلطة الأسد ورقة مهمة جداً كان يدعيها، وهي حماية الأقليات، كما أن هذا الحراك “أقلقه جداً بسلميته”.
وتحشد قوات الأسد تعزيزات عسكرية وأمنية في المحافظة، حيث يتم منذ أسبوعين زج عناصر من القوات الأمنية قادمة من العاصمة دمشق، وسط تساؤلات عدة حول أسبابها.
ويحذر ناشطون ومتابعون وقادة من المجموعات المحلية في السويداء من وجود مخطط جديد، بعد أن ادعت سلطة الأسد “القضاء على خلية إرهابية” تابعة لتنظيم الدولة، قالت إنها كانت تحاول تنفيذ هجوم ضد المدنيين في أحد أحياء المدينة، الأمر الذي شككت مصادر محلية في صحته.
وبحسب رؤيته للأحداث الدائرة بالمحافظة، يرى الدكتور العريضي أن سلطة الأسد حاولت أن تعبث بالحراك بمختلف الطرق من خلال إثارة الفتنة الداخلية ومع محيط السويداء، مستخدمة بعض أدواتها وعملاءها، وسعت لاتهامها بالانفصال والارتباطات الخارجية، “لكن أهل المحافظة أثبتوا بطلان محاولاته وادعاءاته من خلال شعاراتهم التي تحاكي شعارات الثورة السورية في وحدة الشعب السوري وإصراره على الحل السياسي والتغيير والخلاص من منظومة الاستبداد”.
ومع فشل السلطة في مخططاتها تلك “اختارت أن ترعب الأهالي وترهبهم بحشد ميليشياتها التي فاق عددها ال ١٢٠٠، وبٱليات ودبابات حشدتها باتجاه السويداء وقوامها سيارات دفع رباعي مع دوشكات وناقلات جند و بعض الدبابات التي وزعتها باتجاه مطار خلخلة ومطار الثعلة”.
ولكن الرد من قبل الأهالي “كان بحشد شعبي ضخم يوم الجمعة، في ساحة الكرامة وببيان شيخ العقل حكمت الهجري – الجمعة قبل الماضية – بأن حراك السويداء سلمي ومطالبه محقة يدعو للالتزام بالقرارات الدولية والتغيير السياسي ولا يتطلع إلى مواجهة ولكن لا يهرب من واحدة إذا استلزم الأمر”.
وثيقة المناطق الثلاث
استجاب ناشطو السويداء ومتظاهروها سريعا لوثيقة المناطق الثلاث، التي صدرت مؤخرا وتهدف لتوحيد الجهد الثوري ضد سلطة الأسد.
وكانت عدة هيئات ومكونات ثورية في عدد من المناطق السورية قد انضمت إلى الوثيقة التي صدرت عن ناشطين سوريين، في كل من درعا والسويداء وريف حلب الشمالي.
وتهدف الوثيقة، إلى توحيد الجهود والخطاب الثوري ضد سلطة الأسد ومنع الانجرار نحو المشاريع الانفصالية، وقد انضم إليها ناشطون من حمص وإدلب ودير الزور.
وحول الموقف من الوثيقة قال العريضي، لحلب اليوم، إن حراك السويداء “يريد سوريا منطقة واحدة تضم ١٨٦٠٠٠ كم مربع، وهذا حق السورين في استعادة بلدهم وخلاصها من الاستبداد”.
أما عن مدى نجاعة الاحتجاجات مع سلطة أمنية وعسكرية مثل سلطة الأسد، فقد أكد أنها “ستؤدي إلى نتيجة وخاصة مع الإصرار على الاستمرار وامتداد الاحتجاجات إلى باقي الأراضي السورية”.
يشار إلى أن أهالي المحافظة يطالبون بالحل السياسي المبني على قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن؛ خاصة القرار ٢٢٥٤.