حمزة فهيد
اختتم الخميس في العاصمة البلجيكية مؤتمر بروكسل لدعم سوريا، والذي ينظمه الاتحاد الأوروبي سنويا منذ ثمانية أعوام.
يعد المؤتمر منصة دولية حيوية للتعبير عن التضامن والتعاون المستمر مع الشعب السوري في ظل أزمة إنسانية متفاقمة.
وتأتي الدورة الثامنة في ظل تحديات متزايدة تفرضها الحرب في سوريا، حيث يتبنى المشاركون استراتيجيات مبتكرة لدعم اللاجئين والمتضررين وتعزيز الاستقرار والتنمية في المنطقة، ويحاول القائمون على المؤتمر إظهار التزام المجتمع الدولي بالعمل المشترك، للتخفيف من معاناة الشعب السوري وتوفير الدعم اللازم للجهود الإنسانية والإعمارية المستقبلية.
وشارك في المؤتمر عدد كبير من ممثلي الدبلوماسيات العربية والغربية، ووفود من الأمم المتحدة وعدد من مدراء ومسؤولي منظمات المجتمع المدني السوري والمنظمات الحقوقية وشخصيات عامة وغيرهم.
تذكير بالقضية السورية
المحامي أنور البني رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية قال إن مؤتمر بروكسل هو مؤتمر مهم ينظمه الإتحاد الأوروبي لجمع الدعم المالي للقضية السورية وتذكير العالم بهذه القضية.
وأضاف في حديثه لحلب اليوم أن المؤتمر يعقد من أجل سماع مطالب الشعب السوري ولكن هذا المؤتمر لم يتم استغلاله بشكل جيد من السوريين حقيقة، حيث يتم التركيز على الجانب الإنساني ويتم تجاهل الجانب السياسي والمطلب الرئيسي للشعب السوري وهو الحل الشامل في سورية
وأوضح أن هناك دعم أوروبي لمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان، لكن في الوقت الحالي لا يوجد أي محاسبة عبر قنوات أو محاكم دولية وأن المحكمة الدولية مغلقة بوجه الملف السوري لعدم توقيع سوريا على اتفاقية المحكمة وفشل مجلس الأمن أربع مرات بإحالة ملف سوريا لها بسبب الفيتو الروسي والصيني.
وأردف أن العقوبات التي يفرضها الإتحاد الأوروبي وأمريكا على المجرمين في سوريا مهمة جدا.
وأوضح المحامي السوري أنه لا يوجد أي قضاء دولي له اختصاص في الوضع السوري، لذلك قاموا في المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية بالسعي والمطالبة لإنشاء محكمة تتفق عليها الدول المهتمة بالشأن السوري أو إنشاء محكمة بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة وهذا ما تم طرحه بحسب ما ذكر البني
وأضاف أن من العوائق التي تحول دون محاسبة بعض المجرمين هو خوف الأهالي من سلطة الأسد وعدم التبليغ عن المجرمين وتقديم الشهادات، وضعف التمويل لمتابعة محاسبة المجرمين من خلال الصلاحية العالمية لمحاسبة المجرمين.
وختم البني حديثه مع حلب اليوم في التأكيد على أنه لا يمكن الحديث عن عمليات تعويض للضحايا الآن لأن هذا التعويض يتم في سوريا بعد إنشاء هيئة عدالة انتقالية وتقيم للضرر وإحصاء أعداد الضحايا، مع العلم أن غالبية الشعب السوري هم من الضحايا
منح إنسانية دون حل سياسي
المعارضة السياسية ورئيسة منظمة “بلا قيود” د. فاتن رمضان، قالت إن مؤتمر بروكسل أصبح مناسبة سنوية يجتمع فيه ممثلو الدبلوماسيات والحكومات الأوربية والغربية مع مختلف ممثلي الأطياف السورية من منظمات وكيانات وتيارات وشخصيات عامة فاعلة في الملف السوري من كل المكونات.
وأضافت في حديثها مع حلب اليوم، أن العنوان العريض لمؤتمر بروكسل هو (مؤتمر المانحين) إذ تتعهد خلاله الدول بتقديم دعم مالي سنوي للسوريين يتباين غالبا بين الأرقام المعلن عنها وبين الرقم الحقيقي المسدد لمختلف الأطراف نهاية كل سنة وفق دراسات وإحصاءات رسمية.
وتعتقد رمضان أن ما يعاب على هذا المؤتمر تفويته لفرص مهمة وجوهرية للنقاش والاتفاق بين التيارات والكيانات السورية بحضور مسؤولي وممثلي الدبلوماسيات الغربية لمعالجة أسباب المشكلة الرئيسية السورية والضغط باتجاه إيجاد حلول حقيقية لها، وليس إدارة هذا الملف من منظور إنساني فقط بدافع التعاطف وبطريقة إدارة الأزمة لا إيجاد حلول حقيقية لها.
وأوضحت المعارضة السياسية أن هناك الكثير من التحديات والصعوبات التي تبدأ بتحكم المليشيات والتيارات العسكرية وعلى رأسها سلطة الأسد وحلفائها من التنظيمات المصنفة بأغلبها على قوائم الإرهاب بكل مفاصل حياة ومعيشة السوريين والتحكم بمسار وآلية المساعدات وكيفية توزيعها وتوجيهها لأغراض سياسية تخدم مصالح وأجندات هذه الأطراف المجرمة بحق السوريين عموما والإنسانية جمعاء.
وأشارت إلى ربط الملف الإنساني والسياسي والاجتماعي بمدى الطاعة والولاء لسلطات الأمر الواقع المسيطرة على الأرض، وبالطبع أول المتهمين بالتحكم والابتزاز في هذا الملف هي سلطة الأسد وحلفائها.
وكشفت رمضان أنه تم التركيز خلال المؤتمر على ملفات التعافي المبكر ودعم اللجنة المنبثقة عن الأمم المتحدة المعنية بمتابعة المفقودين والمغيبين وتوثيق حالاتهم عبر ذويهم وفق منهجية قانونية سليمة ودعم اللاجئين ومنظمات المجتمع المدني في دول اللجوء وخاصة دول الجوار السوري للتخفيف من معاناة وأعباء ملف اللاجئين
وأردفت أن الأطراف المشاركة في المؤتمر تعهدت بتقديم الدعم المالي لمشاريع الإغاثة والتنمية والعمل على تعزيز الشراكات المحلية والإقليمية لدعم الاستقرار والتنمية المستدامة.
وتابعت أنه مع استمرار استعصاء تطبيق حل سياسي شامل وفق القرار ٢٢٥٤ وعدم ممارسة الضغط المباشر من قبل المجتمع الدولي على سلطة الأسد وحلفائها لتنفيذه ستبقى الأزمة وتتفاقم، علما أن تنفيذه سيؤدي إلى نسف أسباب المشكلة الإنسانية والملفات المتفاقمة كملفات اللجوء والنزوح وانتشار الفقر والجريمة.
وقالت رمضان إن إحدى الخطوات المستقبلية المقترحة لتعزيز التعاون الدولي ودعم ملف المساعدات الإنسانية للسوريين وفقا لمناقشات مؤتمر بروكسل هي زيادة الجهود المشتركة بين الدول المانحة والمنظمات والكيانات الإنسانية لإيصال المساعدات والدعم اللازم للمتضررين في سوريا بشكل أفضل وأكثر فعالية مما سبق، كما يشمل ذلك دعم الحلول السياسية التي تعالج أسباب المشكلة.
وختمت السياسية السورية بالقول إنه لم يصدر نتائج رسمية عن مؤتمر بروكسل في دورته الثامنة بعد، بانتظار الاجتماع الوزاري لوزراء الخارجية الأوربيين لإعلان نتائج المؤتمر في السابع عشر من أيار الجاري
تراجع أهمية مؤتمر بروكسل
قال باسل منصور المدير التنفيذي لمنصة تمكين الشباب وأحد الحاضرين في المؤتمر إن مؤتمر بروكسل للمانحين بنسخته الثامنة ينعقد هذا العام في ظل ظروف دولية صعبة
وأضاف في حوار مع حلب اليوم أن حالة من الركود في الملف السوري أدى إلى تراجع أهميته عالميا، فالآن يتقدمه ملفات أخرى أكثر أهمية مثل الحرب على غزة والحرب الأوكرانية.
ونوه إلى أنه مع مرور السنوات وفي كل مرة يتم عقد مؤتمر المانحين يتم الحديث عن تخفيض نسب المساعدات المقدمة لسوريا حيث أن بعض الدول المانحة قد خفضت المنح التي كانت تقدمها للملف السوري لأكثر من 70% وغيرها العديد من الدول
وأوضح منصور أن جزءا جيدا من المانحين خفض دعمه لبعض المنظمات الإنسانية التي كان يدعمها لأسباب عدة منها يتعلق بالشفافية أو مكان العمل أو طبيعته ما أدى إلى انخفاض الثقة.
وشدد المدير التنفيذي لمنصة تمكين الشباب على ضرورة أن تعمل منظمات المجتمع المدني على استعادة الثقة وأن تزيد من ملفات الشفافية والمساءلة والتوزيع العادل لما تقدمه
وأكد على أهمية تحسين نوعية البرامج والمشاريع بما يعود بالنفع الحقيقي على الشعب السوري، لا أن تكون مجرد مشاريع وهمية لا تعود بأي نفع على الناس
ولفت باسل منصور بصفته مدير منصة تمكين الشباب إلى أن النقاشات الجانبية تركزت مع المانحين أو منظمات المجتمع المدني عن ضرورة ترتيب الأولويات، وتحسين البرامج والمشاريع المقدمة خارج إطار المساعدات الإغاثية
وشدد على ضرورة التركيز على فئة الشباب من خلال برامج بناء القدرات والتوعية والتعليم وبالإضافة إلى المشاريع الصغيرة وهذا ما يحسن من وضعهم الاقتصادي والمعيشي ويحد من البطالة والعمل مع كافة الجهات المحلية والدولية على مكافحة الإدمان وانتشار المخدرات بين الشباب السوري
ويرى منصور أنه بدون العمل على حل سياسي شامل يخرج سوريا من وضعها الحالي سيبقى الشعب يعيش في واقع مرير ويدور في نفس الدائرة من المآسي والمعاناة والحاجة إلى الدعم.. إلخ
ومن هذا المنطلق تعمل منصة تمكين الشباب على مشروع مهم حول التوعية السياسية للشباب من أجل الوصول الى جيل شاب بفكر جديد يقود سوريا إلى المستقبل ويوصلها إلى بر الأمان بحسب ما ذكر منصور
ونوه إلى أنه تمت مناقشة هذه الأفكار مع العديد من الشخصيات الدولية لضرورة دعم الشباب وعن الأحقية السياسية لهم وفق القرار الأممي 2254 حول الشباب والسلام والأمن
وأضاف بأن الحل النهائي في سوريا سيكون لصاحب الكلمة والصرخة الأولى في عام 2011وهم الشباب الذين يعيشون في واقع مليء بالمآسي
وأردف قائلا إن الجميع يحلمون أن يكون هذا هو آخر المؤتمرات حول الواقع الحالي وكراتين الإغاثة ومخيمات اللاجئين وقضايا المفقودين والمعتقلين….
وختم قوله بأن حلم السوريين أن يكون الحديث في العام المقبل عن تبييض السجون والمرحلة الانتقالية وإعادة الإعمار والتركيز على مستقبل سوريا التي يقودها الشباب.