أكد مركز جسور للدراسات في تقرير أن سلطة اﻷسد تعمل على مصادرة عقارات وممتلكات السوريين بشكل منظم لصالح إيران، وفق مخطط مدروس وممتد لسنوات، مما يشكل خطراً حقيقياً على أصحاب اﻷراضي الحقيقيين.
وقال التقرير إن مجلس الشعب التابع لسلطة اﻷسد شرّع نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، قانون “إدارة واستثمار الأموال المنقولة وغير المنقولة المصادَرة بموجب حكم قضائي مبرَم”، والذي أصدره بشار الأسد بموجب القانون رقم 26 لعام 2023 ويقضي بأن تؤول “الأموال المنقولة وغير المنقولة المصادَرة بموجب حكم قضائي مبرم إلى ملكية الدولة” على أن تدير هذه الأموال وتستثمرها وزارة المالية داخل الحدود التنظيمية ووزارة الزراعة خارجها.
وتبع ذلك إصدار بشار الأسد القانون رقم 43 في 28 كانون الأول/ ديسمبر 2023 القاضي بإحداث الهيئة العامة لإدارة أملاك الدولة وحمايتها، ومهمّتها تولّي تنفيذ أحكام قانون أملاك الدولة وقانون الإصلاح الزراعي.
وتُعتبر هذه التشريعات امتداداً للقوانين التي استحدثتها سلطة اﻷسد عَبْر عقود طويلة ضِمن سياستها العقارية الممنهجة التي تفرض وقائع جديدة باستمرار على المواطنين، غرضها الظاهر تنظيم الأحياء وحلّ مشاكل الملكيات والتطوير العقاري، إلا أن هدفها الأساسي كان زيادة السيطرة أو الاستيلاء على هذه الملكيات، وفقاً للتقرير.
وأكد المركز أن سلطة اﻷسد عملت منذ عام 2011 على تهيئة الأرضية القانونيّة للحجز على أموال المعارضين ومصادرتها، مما يتيح لها التحكّم النهائي بها، فأصدرت العديد من المراسيم والقوانين بهدف توسيع نفوذها من خلال قوانين الملكية العقارية مثل قانون 25 لعام 2011 وقانون التخطيط 23 لعام 2015، والقانون رقم 10 لعام 2018.
وتنبع خطورة هذه القوانين -لا سيما الصادرة بعد عام 2011- من كونها تطال شرائح واسعة من السوريين كالمحتجَزين في السجون والمختفين قسريّاً في الأفرع الأمنية، مِمَّنْ صدرت بحقهم أحكام مصادَرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة التي كانت في معظمها مضافة إلى عقوباتهم الأصلية بالسجن أو الإعدام، وكذلك مئات الآلاف من المعارضين والمطلوبين والمهجَّرين السوريين، عَبْر إصدار قرارات حجز ومصادرة إدارية وقضائية مكثفة لأموالهم.
ويُمكن لإيران – بحسب التقرير – استغلال هذه القوانين مستقبلاً لصالحها، بالسيطرة على عقارات المهجَّرين وذوي الأحكام القضائية وأملاكهم مقابل الديون المالية المستحقة لها على النظام، مما يوجِب إيضاح خطورة هذه القوانين على مدار السنوات السابقة، وبيان مشاكلها الحقوقية والدستورية والخُطوات اللازم اتخاذها حيال مآلاتها المستقبلية المحتملة.
أساليب سلطة اﻷسد للاستيلاء على ممتلكات السوريين لصالح إيران
اتبعت السلطة مجموعة من الأساليب التي سيطرت بموجبها على الكثير من الأموال والعقارات في البلاد، لصالح إيران، ومنها “فرض الأمر الواقع ومتطلبات العمليات العسكرية”، حيث أغلقت قوات اﻷسد العديد من البلدات والأحياء في وجه أصحابها بدعوى استمرار العمل العسكري ومتطلباته فيها، وما زال هذا الإغلاق قائماً في عدة أحياء أو بلدات رغم انتهاء المعارك فيها مثل مدينة القصير منذ أيار/ مايو 2013، وبعض أحياء مدينة تدمر منذ آذار/ مارس 2017.
كما مارست “التحايل القانوني والتزوير” حيث سيطرت سلطة اﻷسد على عقارات معينة بالاعتماد على بعض المتنفذين التابعين له؛ إما بدعوى أنّ مالكيها معارِضون أو لأنهم غادروا البلاد بعد عام 2011، وأغلب هذه العقارات مرتفعة القيمة لا سيما في مدن حلب وحمص ودمشق، إلا أن بعضها كُشف مما اضطرها لمحاسبة بعض الموظفين الصغار في دوائر السجل العقاري بتهمة التزوير.
وتم أيضاً “منع التصرف عَبْر قرارات المحاكم القضائية”، حيث أصدر اﻷسد مراسيم مختلفة تمنح الضابطة العدلية وعدة مؤسسات أخرى حق الحجز الاحتياطي على عقارات المتهمين بجرائم الإرهاب، مثل: المرســوم 63 لعــام 2012 الذي يمنــح كلّاً من النيابة العامة -ومن تُفوّض- والشرطة ومكتب الأمن الوطني وقاضي التحقيق والإحالة القدرة على إيقــاع الحجــز الاحتياطــي علــى عقــارات المتهميــن بجرائــم الإرهــاب، كذلك القرار رقم 4554 لعام 2015، والتعميم رقم 1565 لعام 2015 الصادر عن وزير الداخلية، إضافة لتعميم وزير العدل رقم 30 لعام 2021، وجميعها يقضي بضرورة الحصول على الموافقة الأمنية المسبقة قبل البدء بالمعاملات العقارية والوكالات.
وأصدرت سلطة اﻷسد منذ عام 2011 أكثر من 21 قانوناً ومرسوماً لمصادَرة الأموال والممتلكات تتكامل مع رؤيـتها ومشـاريعها فـي الاسـتيلاء علـى الأمـلاك العقاريـة للسـوريين، وثَمَّة الكثير من المراسيم التي تصبّ في ذات الغرض قبل عام 2011.
وكان حافظ الأسد قد استخدم بعضها في قمع معارضيه وتجريدهم من ممتلكاتهم وحقوقهم؛ أبرزها القانون رقم 5 لعام 1982 المتضمن التخطيط العمراني عَبْر وزارة الإسكان، وقد تولّد عن القانون توقُّف حركة البناء المنظَّم داخل المدن ونشوء العشوائيات والسكن المخالف وغلاء المنازل واقتطاع بساتين وأراضٍ حول المدن الكبرى.