تستخدم الولايات المتحدة الأمريكية سياسة العصا والجزرة للضغط على الفصائل في ريف حلب، من أجل ما قالت إنه حرصٌ منها على إنهاء “التجاوزات بحق المدنيين”، ويبدو الجيش الوطني السوري مفتوحاً على التجاوب مع الرغبة اﻷمريكية، فيما لا يزال “المقابل” اﻷمريكي في حال “اﻹصلاح” غير واضح.
وقال مسؤول في الخارجية الأميركية (فضّل عدم الكشف عن اسمه) لموقع “العربي الجديد“، إن مدير منصة سوريا الإقليمية، نيكولاس غرانجر التقى مع رئيس “الحكومة السورية المؤقتة” عبد الرحمن مصطفى يوم الجمعة الماضية لمناقشة “مجموعة متنوعة من المواضيع، بما في ذلك الالتزام المشترك بتعزيز المساءلة عن حقوق الإنسان، وقانون القتال المسلح، والأولويات الإقليمية الأخرى”.
وأوضح أن العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة في 17 أغسطس/آب الماضي على “لواء سليمان شاه” و”فرقة الحمزة” المنضويين ضمن الجيش الوطني السوري، “تُظهر التزام الولايات المتحدة بتعزيز مساءلة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا بغض النظر عن الفاعل”، على حد وصفه.
هل يتعلق اﻷمر بكافة المدنيين في ريف حلب؟
ويرى المحلل العسكري في مركز “جسور” للدراسات رشيد حوراني، أن “العقوبات الأميركية التي فُرضت على بعض فصائل الجيش الوطني السوري، والنقاش الذي دار بين رئيس الحكومة المؤقتة والوفد الأميركي تؤكد وجود لوبي يتبع لقسد “قوات سوريا الديمقراطية”، يعمل على توثيق كل الانتهاكات، ويبدو أن هذا اللوبي اكتسب مصداقية لدى الجانب الغربي، وبات مؤثراً وفاعلاً في القرارات الصادرة عن تلك الدول، بما فيها تقييمها لفصائل المعارضة”.
وأضاف حوراني أن “الفصائل مطالبة اليوم بالقيام بالخطوات التي من شأنها تصحيح مسارها والقضاء على كل التجاوزات، وبشكل خاص ما يتعلق بالسكان السوريين الأكراد في مناطقها، وتفعيل اللجان المختصة بذلك كلجنة رد المظالم”.
وكانت عدة فصائل من الجيش الوطني السوري قد أنشأت “اللجنة المشتركة لرد الحقوق في مدينة عفرين وريفها” (لجنة رد المظالم والحقوق) في تشرين اﻷول من عام 2020، بهدف وضع حدّ للانتهاكات التي وقعت بحق سكان محليبن، وأعلنت إنهاء جميع أعمالها، في تشرين اﻷول من عام 2022.
هل ستدعم واشنطن الجيش الوطني السوري إذا استجاب لمطالبها؟
أشار المسؤول اﻷمريكي إلى أن غرانجر ومسؤولين في المنصة يجتمعون بانتظام مع مسؤولي المعارضة السورية، ويؤكدون أن “دعم المعارضة السورية جزء لا يتجزأ من قرار مجلس الأمن رقم 2254، الذي يظل الحل الوحيد القابل للتطبيق لإنهاء الصراع”.
وحول ما إذا كان هناك لدى الولايات المتحدة أي نوايا للتعامل مع الجيش الوطني السوري، سواء من حيث التطوير أو التدريب أو أي نوع آخر من التعامل، أشار المسؤول في الخارجية إلى أن غرانجر أكد لمصطفى بالقول: “استعدادنا للعمل مع الحكومة السورية المؤقتة لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان، بطريقة تؤدي إلى تحسينات منهجية في سلوك المجموعات التي تشكل الجيش الوطني السوري”.
من جانبه قال القيادي في “الجيش الوطني” هشام اسكيف، إن “الجيش يتجه وبإشراف وتنظيم وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة لعملية إصلاح شاملة”، مضيفاً: “هذه العملية حققت خطوات ناجحة، ولكنها غير كافية لجهة التنظيم وتعزيز دور الوزارة ومركزية القرار عبر المجلس العسكري الاستشاري وتعزيز دور ونشاط الشرطة العسكرية في عمليات ضبط الشؤون العسكرية والحواجز”.
وأشار اسكيف إلى أن الحواجز في الشمال السوري “أصبحت كلها تابعة للشرطة العسكرية وليس للفصائل”، مؤكداً أن الجيش “يبذل جهوداً لجهة التصدي للمخالفات والتجاوزات والحد منها”، حيث “صدرت عن الوزارة قرارات وتعاميم تخص الممارسات الشاذة وغير القانونية التي يقوم بها بعض منتسبي الجيش الوطني”.
كما تسعى الوزارة وبالتعاون مع قيادات الفيالق في الجيش الوطني “لتصميم خطوات عملية ناجعة أكثر للحد من هذه الظاهرة التي تسيء للتضحيات التي يقدمها الجيش الوطني ولسمعة الثورة ومبادئها واحترام القواعد الشرعية والدينية والقانون الدولي” وفقاً لسكيف.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد فرضت منتصف العام الحالي عقوبات على فصيلي “لواء سليمان شاه” و”فرقة الحمزة” لضلوعهما في “ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان” ضد السوريين و”مشاركتهما بشكل مباشر أو غير مباشر بتلك الانتهاكات”، وطالت العقوبات ثلاثة قياديين بارزين في الفصيلين وهم: قائد “لواء سليمان شاه” محمد حسين الجاسم الملقب بـ”أبو عمشة”، ووليد حسين الجاسم، الأخ الأصغر لأبو عمشة، الذي يشغل أيضاً دوراً قيادياً في “لواء سليمان شاه”، وقائد “فرقة الحمزة” سيف بولاد أبو بكر، إضافة إلى شركة (Al-Safir Oto) لتجارة السيارات التي يشارك أبو عمشة بملكيتها.
وقبل ذلك فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية “أوفاك”، التابع لوزارة الخزانة الأميركية العام الماضي عقوبات على فصيل “أحرار الشرقية” المنضوي في “الجيش الوطني”، بتهمة القتل غير القانوني للأمينة العامة لحزب “سوريا المستقبل” هفرين خلف، إضافة إلى حراسها الشخصيين في أكتوبر/تشرين الأول 2019 في منطقة رأس العين، شمال شرقي البلاد.