لجأت سلطة اﻷسد إلى رفع دعوى لدى القضاء البريطاني، للاعتراض على العقوبات التي فرضتها لندن عليها، بدعوى تأثيرها على السكان المدنيين، وآثارها السلبية على حقوق اﻹنسان.
وفي تقرير بعنوان “النظام السوري والعقوبات البريطانية: لجوء إلى القضاء المحلي وتحليل إستراتيجي قانوني في ضوء حقوق الإنسان“، قالت “رابطة المحامين السوريين الأحرار” إن سلطة اﻷسد تعتمد نقاطاً معينة في تقديم حججها القانونية.
وكانت بريطانيا قد أعلنت عن عقوبات جديدة في الذكرى الـ 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الموافقة للعاشر من الشهر الجاري، حيث ستقوم بإجراءات منسقة ضد “منتهكي حقوق الإنسان وشركاء الحكومات الاستبدادية في جميع أنحاء العالم”،وفقاً لوزير الخارجية ديفيد كاميرون.
وفرضت لندن عقوباتها على 8 أفراد من سلطة اﻷسد بتهمة “التواطؤ في الأعمال الوحشية ضد الشعب السوري”، وهؤلاء الأفراد هم: (اللواء محمد كنجو، اللواء يزن الحمصي، لؤي عماد الدين المنجد وزير الشؤون الاجتماعية، فراس حسن قدور وزير النفط والثروة المعدنية، محسن عبد الكريم علي وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، عبد القادر الجوخدار وزير الصناعة، أحمد محمد بوسته جي عضو مجلس الشعب).
وبحسب الرابطة فإن العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد الأوروبي و الدول الغربية هي “عقبة رئيسية أمام جهود إعادة تأهيل الأسد و المضي في مسارات التطبيع التي تسعها لها بعض الدول وتجفيف لمصادر تمويل آلاته الحربية ضد الشعب السوري”.
وردّ التقرير على تذرع سلطة اﻷسد بأن هذه العقوبات هي سبب منعها من تحقيق تقدم كبير في مجال حماية حقوق الإنسان في سوريا، مؤكداً عدم مصداقيتها، وأن كل المحاولات لرفعها باءت بالفشل، وذلك بسبب “كم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي مارستها مسبقاً ولاتزال ترتكبها والكم الهائل لتقارير هيئات مجلس حقوق الإنسان التي ترسخ هذه الحقيقة”، وجاءت هذه العقوبات “كرد حاسم من الحكومة البريطانية بأن الأسد مازال يتبع نفس النهج القبيح في الاستمرار بممارسة الانتهاكات الجسيمة”.
سلطة اﻷسد تعتمد على تقرير مقررة التدابير القسرية للأمم المتحدة
أوضح التقرير أن سلطة اﻷسد لجأت مؤخراً لقضاء البلدان التي تفرض العقوبات، للحصول على أحكام قضائية برفعها، بدعوى “أثر هذه العقوبات على السوريين في تدهور الوضع الإنساني و الصحي و الاقتصادي في البلاد”، في خطة “تحمل الكثير من الخبث وبدء بتنفيذها منذ عام 2018 عندما دعى النظام المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالأثر السلبي للتدابير القسرية الانفرادية في التمتع بحقوق الإنسان إلى زيارة سوريا”.
وأصدر المقرر تقريره بأثر هذه العقوبات و لكن هذا التقرير “رغم تحيزه الفاضح ومحاباته لسلطة اﻷسد لم يكن كافيا للتأثير على قرارات الحكومات الغربية والضغط لرفع العقوبات”، فقامت سلطة اﻷسد في عام 2022 بدعوة السيدة ألينا دوهان المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأثر السلبي للتدابير القسرية الانفرادية في التمتع بحقوق الإنسان إلى زيارة سوريا و اصدرت تقريرها بتاريخ 3/ تموز/2023.
وطالبت دوهان برفع هذه العقوبات على معتبرة أنها سبب في الوضع الكارثي الراهن الذي لا يزال يتدهور في البلد، وأن بقاءها سيكون “بمثابة جريمة ضد الإنسانية ترتكب ضد الشعب السوري كله”.
وقد استخدم النظام هذا التقرير باللجوء إلى المحكمة الإدارية لرفع دعوى للطعن بقرار وزير الدولة لشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية بالإبقاء على لوائح العقوبات الخاصة بسوريا رقم SI 2019 No.792 لعام 2019 وعدم إلغائها.
كما اعتمد – وفقاً للتقرير – على شبكات تضم محامين من ذوي الخبرة في القانون الدولي وقضايا العقوبات ومؤيدين له مقيمين في بريطانيا ولوبي من السياسيين ورجال الدين والصحفيين البريطانيين المؤيدين له، وقد اتخذوا صفة الادعاء وهم (الدكتور عماد نعساني والدكتور محمد بشير، وجعفر مصطفى) ويتولى تمثيلهم المحامي عبد الحق العاني بتكليف من المحامي مالكولم بيردلينج.
ويدعي هؤلاء أن هذه العقوبات تشكل انتهاكات لحقوقهم المنصوص عليها في المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والمادة 1 البروتوكول الأول للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
هل ستنجح مساعي سلطة اﻷسد؟
يؤكد تقرير الرابطة أن تقييم تأثير العقوبات على سوريا، يركز على خسائرها الاقتصادية والإنسانية العميقة على المدنيين، وخاصة الضعفاء، وقد “تؤثر هذه العقوبات، عن غير قصد على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، مما يسلط الضوء على الحاجة إلى مراجعة تتمحور حول حقوق الإنسان لعواقبها الأوسع نطاقاً”.
ولكن دور الأسد في استغلال هذه العقوبات لإخفاء انتهاكاته الواسعة النطاق لحقوق الإنسان واستخدام الموارد الاقتصادية لتمويل العمليات العسكرية، واضح بشكل أساسي، وفقاً للتقرير، وهو ما يُضعف سرديته حول العقوبات.
وكانت عضوة مجلس اللوردات البريطاني، البارونة كارولين كوكس ، التي تتبنى مواقف مؤيدة للأسد، وزارت سوريا عدة مرات بين عامي 2016 و2018، وتشغل عضوية منظمة “صندوق الإغاثة الإنسانية” التي يديرها مكرم مخوّل؛ من أبرز الموقعين على رسائل مطالبة برفع العقوبات، إلى جانب الأسقف روان وليامز، وهو رجل دين مسيحي ومعروف بمواقفه الداعمة للأسد وإيران، والدبلوماسي البريطاني السابق بيتر فورد الذي شغل منصب سفير المملكة المتحدة في سوريا بين عامي 2003 و2006، وشغل منصب مدير الجمعية السورية البريطانية التي أسسها والد أسماء اﻷسد وهو فواز الأخرس، والصحفي البريطاني جوناثان ستيل، والذي عمل مراسلاً لصحيفة “الغارديان” في سوريا.