أوقعت الغارات اﻹسرائيلية المتواصلة عشرات الضحايا المدنيين في قطاع غزة المحاصر خلال الليلة الفائتة، جراء قصف اشتدّت وتيرته بشكل كبير قبل الفجر، فيما يؤخر القادة العسكريون اﻹسرائيليون تنفيذ تهديداتهم بالاجتياح البري، ويزيد تركيز القصف على اﻷهداف المدنية.
وقال مدير مستشفى العودة في قطاع غزة، إن جميع الأهداف الإسرائيلية هي أحياء سكنية يقطنها مدنيون، محذراً من أنه “لن تكون مستشفيات القطاع قادرة على استقبال مرضى في وقت قريب جداً”، حيث “تعاني الطواقم الطبية إنهاكاً شديداً” مع انعدام الخيارات.
وشنّت المقاتلات الحربية سلاسل غارات واسعة بعد منتصف الليل، وقالت مصادر محلية في غزة إنها اﻷكثر شدة حتى اليوم، موقعةً 14 ضحية بينهم أطفال في منازل برفح، كما قضى 6 أطفال وسيدة في قصف إسرائيلي استهدف منزلاً في خانيونس جنوبي القطاع، وانتشلت الطواقم الطبية 5 ضحايا من منزل تعرض للقصف شرق خانيونس.
كما قضى 26 مدنياً بقصف استهدف منزلاً في جباليا وشقة سكنية بالفالوجا شمالي القطاع، معظمهم من اﻷطفال، وانتشلت السلطات 10 جثامين من تحت أنقاض منزل لعائلة أبو دان بدير البلح وسط القطاع.
أيام حاسمة
أعلنت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي أن “سلاح الجو قصف 320 هدفاً في أرجاء قطاع غزة الليلة الماضية”، كما تحدّثت عن “تأجيل الدخول البري إلى غزة” بحجة انتظار “وصول قوات أمريكية إضافية” بناء على “طلب واشنطن”.
وأعلنت اﻷخيرة إرسال “قوة بحرية كبيرة إلى الشرق الأوسط”، تشمل حاملتي طائرات وسفنا مرافقة لهما ونحو ألفين من قوات مشاة البحرية.
ولا يزال الترقب سيد المشهد مع تحذير حماس من استعدادها الكامل للمواجهة البرية، وتوتّر اﻷوضاع الميدانية، فيما يقلّل خبراء ومتابعون من قدرة جيش الاحتلال على التوغّل في غزة.
من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني – السوري “أيمن أبو هاشم” لـ”حلب اليوم“، إن اﻷيام القادمة ستكون حاسمة، في حال قرّرت إسرائيل الدخول في معركة برية، حيث سترتسم حدود التحالفات بالمنطقة بشكل أوضح.
ولفت إلى أن الصورة لا تزال غير واضحة لجهة موقف إيران، متسائلاً ما إذا كانت هناك صفقةً ما بينها وبين الولايات المتحدة تحصل فيها على نقاط في سوريا مقابل محافظتها على حالة النأي بالنفس، مع عدم استبعاد احتمال انجرار حزب الله لمواجهة ما.
ورغم حشد اﻷخير على الحدود الجنوبية السورية واستهداف الطيران اﻹسرائيلي لمطاري حلب ودمشق، إلا أن الوضع الميداني لم يخرج عن إطار المشهد المعهود منذ سنوات.
ويرى “أبو هاشم” أن المواجهة على اﻷرض ستكون رهناً للتطورات على المستوى اﻹقليمي، حيث أن طهران باتت طرفاً أساسياً في ملف المعركة.
وكشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية خلافات بين نتنياهو وكبار المسؤولين في الجيش بشأن التقييمات والخطط والقرارات، حيث يُلقى عليه باللوم فيما آلت إليه اﻷوضاع، بينما يُفكّر 3 وزراء على الأقل في الاستقالة “لإجباره على تحمل مسؤولية الفشل الأمني”، كما “يحمّل 75% من الإسرائيليين نتنياهو مسؤولية فشل حماية مستوطنات غلاف غزة”.
أما صحيفة “نيويورك تايمز” اﻷمريكية فقد نقلت عن “مسؤول مطلع” أن حركة حماس حذّرت من الاجتياح البري ملوحة بأنه “سيقلل من احتمالات إطلاق سراح الرهائن”.
وبحسب وزارة الصحة في غزة فإن ما لا يقل عن 4600 شخص قتلوا جراء القصف الإسرائيلي المستمر منذ أسبوعين.