أولاً يجب أن نعرف ونعترف أن العنصرية منتشرة في جميع أنحاء العالم بدرجات مختلفة،
- العنصرية منتشرة بدرجات متفاوتة لدى كل الشعوب ، بما فيها الشعوب المتدينة، وغير المتدينة، ويتوقع أن تنتشر العنصرية بدرجة أشد في المجتمعات المغلقة، التي تحمل أفكار مبالغ فيها عن تعظيم الذات وسيادة ونقاء العرق ، والتميز مقابل الأعراق والشعوب الأخرى.
- وتنتشر العنصرية وتزداد ممارساتها سوءاً مع تراجع سطوة القانون، وتراخي النظام القضائي، وانتشار الفساد والمحسوبية.
- هذه المقدمة ليست للتقليل من خطورة العنصرية، وخصوصاً التي نشهدها في بلدان العالم، خلال الفترة الأخيرة، ومنها وأخطرها، ما يمارس للأسف ضد الأطفال في بعض المدارس، وعلى يد بعض المعلمين والقائمين على التعليم!
- الأمر الذي وصل حدوداً لا يمكن تجاهلها، ونتيجتها كما نرى وسنرى الاستقواء على كل من يتكلم لغة أجنبية (وفي حالتنا اللغة العربية) ظناً أن المتحدث سوري، وبالنتيجة نسمع كل يوم تقريبا حوادث مؤسفة ، وما لا نسمعه ربما يكون أشد وأعظم بلاءاً.
توصل الإصدار الأخير من مؤشر سيادة القانون التابع لمشروع العدالة العالمية إلى أن 70% من البلدان شهدت تفاقم التمييز بين عامي 2021 و2022. ومنذ عام 2015، زاد التمييز في ثلاثة أرباع البلدان التي درسها برنامج WJP.
بعض التعاريف الهامة:
العنصرية:
ممارسة وتطبيق أوسع نطاقا من التمييز العنصري. فالعنصرية هي الاعتقاد بأن مجموعة معينة هم أرفع مستوى من مجموعة أخرى. ويمكن التعبير عن العنصرية بشكل علني على شكل نكات عنصرية، وافتراء أو جرائم كراهية. ويمكن أن تكون متجذرة أكثر في المواقف والقيم والمعتقدات النمطية. في بعض الأحيان لا يدرك الناس بأن لديهم هذه المعتقدات.
التمييز العنصري:
أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفصيل يقوم علي أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الاثني ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، علي قدم المساواة، في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة.
المضايقة العنصرية:
هي شكل من أشكال التمييز. وتتضمن التعليقات، والنكات والمناداة بأسماء غير محبذة وعرض الصور أو السلوك الذي يهينك أو يسيء إليك أو يزعجك بسبب عرقك وأسباب أخرى ذات صلة.
ومن الضروري أن نعرف أن للعنصرية درجات وأشكال، والشكل الشائع منها:
- التمييز والإساءة ضد لغة، أو لون بشرة، أو شكل لباس ، إنسان آخر، (ذكر أو أنثى، كبير أم صغير).
ولكن من المهم معرفه أن للعنصرية أشكال كثيرة ومتنوعة، ومنها:
2.المزاح ضد أعراق أو شعوب أو جنسيات أخرى، أو ضد جنس آخر وغيرها.
3.الإساءة المباشرة لفظياً أو جسدياً.
4.الإيحاء غير المباشر من خلال الحديث أو السخرية أو التلميح،
5.العنصرية المنهجية المنظمة وهي أخطرها، التي تنخرط بها مجموعات أو مؤسسات أو جهات غير رسمية او رسمية، من خلال المساهمة فيها ، أو غض الطرف عنها وعن الجهات التي تقف ورائها، أو عدم إنفاذ القانون ضد المرتكبين.
ما الممكن عمله على المستوى الفردي والأسري وخصوصا الاهالي والمهتمين والمؤسسات المجتمعية ؟
1.التعرف والاطلاع والقراءة، عن قضية العنصرية، وجذورها، وكيفية التوعية بها و بآثارها والحد منها.
2.التعرف على أنجع أساليب مقاومتها، وأي الأساليب هي الأنفع لمواجهتها على صعيد الافراد والتجمعات والمؤسسات والقانون وغيره.
3.التعاون مع الطيبين، رافضي الاساءة والعنصرية من أهالي المجتمع المضيف، ومؤسساته وهم الأغلبية.
4.الاعتراف بأن ممارسة أي نوع من أنواع الظلم، عنصرية أم غيرها، تحدث في البيت تجاه أحد أفراد الأسرة، أو آخرين ، سيغرس في نفوس الأطفال تقبلا للعنصرية والظلم ضد الآخرين!.
5.يعني ذلك أن أي نضال ضد العنصرية بأشكالها، سيكون غير ذي جدوى، طالما أن في البيت ظلماً وعنصرية. ببساطة لن يقتنع الطفل بجدوى أي ممارسة وسعي لمقاومة العنصرية التي يتعرض لها في الخارج، طالما انه يرى الظلم واقعاً في البيت ضده، ولا حول ولا قوة، أو يرى الظلم واقعاً ضد الفتيات أو ضد كبار السن، أو ضد الأم، أو الجدة، أو ضد أعراق أخرى، وذلك من خلال الحديث بشكل سئ او حديث يتضمن سخرية او اهانة، او شتائم ضد عرق او دين او مذهب او أهالي مدينة او او عائلة اخرى ، او الاشخاص اصحاب الاعاقات.
6.ضرورة سعي الأمهات والآباء للتعرف على وضع باقي الاطفال في الحي، من خلال زيارات الجيران وأهالي الحي من مجتمعهم والمجتمع المضيف، للتعرف على وجود ممارسات ممنهجة، ومتكررة في نفس الصف او نفس المدرسة او صادرة عن أحد المعلمين أو المدراء.
7.ضرورة التكاتف والتعاون لرفع الصوت، وعدم السكوت ضروري، و إبلاغ اي جهة مجتمعيه ( مؤسسات الجاليات ، المعلمين، الوجهاء ، الموظفين ، المترجمين، المشايخ، المؤسسات وممثليات السوريين، وسائل الاعلام ، ممثلي الاحياء وغيره) واي جهة مجتمعيه او رسمية رسمية (البلديه، المختار، الوالي ، الشرطي ،امام المسجد او الخطيب) عن آي حوادث تحصل مهما صغرت.
8.التذكير كل وقت أنه وحتى وان كانت الاستجابه غير واضحة أوقليله، يجب عدم التوقف عن رفع الصوت ، ويجب الابلاغ بشكل متكرر ،فهذه امانه ويجب ان نزعج مرتكبي العنصرية ونحاصرهم، ونفضحهم أمام الجميع.
9.ضرورة تفعيل التجمعات الأهليه، والأنشطة التوعوية بالحقوق، وأساليب الابلاغ عن الإساءات و الوقاية والحمايه للنفس والاطفال.
10.ضرورة تفعيل الدورات للأطفال والشباب والأهالي في مواضيع مهارات الحوار، وحماية النفس (ألعاب الدفاع عن النفس)
11.ضرورة العمل على تطوير اللغه التركيه، ولو بالحد الادنى للأهالي للتعبير عن النفس والأفكار والمطالبه بالحقوق.
12.معرفة أن عوامل مثل البيئة الاجتماعيه المحيطة والقانون، والعادات، والرأي العام من أهم العوامل التي تخفف أو تسمح بانتشار العنصرية. وبالتالي السعي والنضال يجب ان يغطي كل المستويات الفردية من المنزل الى التجمعات والمؤسسات الرسمية ووسائل الاعلام.
13.أخيرا نذكر أن التربية هي العامل الاساسي في اكتساب الممارسات العنصرية لدى الأطفال، والوقاية منها وحمايه النفس ضد مرتكبي الممارسات العنصرية.
بالنسبة للأطفال من المهم للأهالي ومقدمي الرعاية في الأسرة الانتباه والسعي للقيام بمايلي :
1.الانتباه والوعي لماسبق ، وخصوصا الحديث والتعبير عن المشاعر والافكار المسئية امام الاطفال.
2.الاستماع للاطفال ولمخاوفهم، ولمشاعرهم.
3.توضيح وتكرار أن الأطفال ليسو هم المذنبين في مايتعرضون له، وليسو السبب (تذكروا أن تفكير الطفل متمركز حول نفسه، ويظن انه السبب في كل مايحصل له وحوله) وإبلاغهم أنهم هم ضحايا، ولكنهم يستطيعون القيام بشئ ما لحماية أنفسهم.
- تذكير الاطفال بشكل متكرر أن المرتكب هو المسئ ،هو من يتصرف بعنصرية بلفظ او فعل او نظرة او ايحاء، وهو من يجب ان يحاسب ويشعر والعار وليس الطفل.
5.التذكير مراراً أن مرتكب الممارسات العنصرية هو المتسبب بأي أذى محتمل، وليس الضحايا، والتذكير أن المسؤول او المعلم او المدير الذي يسئ، أو يغض الطرف عن المسيئين، هو ايضا متسبب بالأذى، لابل إنه متسبب بالضرر بدرجة أكبر كونه يشجع المسيئين بممارساته.
6.إبلاغ الأطفال أن الصمت وعدم الرد يقوي المرتكبين للممارسات العنصرية، و يجعلهم يتمادون، وأنه يجب دائماً الإبلاغ للمسؤول وفي حال لم يستجب، إبلاغ المسؤول الأعلى مباشرة، وفي حال عدم الاستجابه ابلاغ اي جهة كانت، وعدم الصمت.
7.التأكيد على ان اتخاذ اجراء هو الأفضل والأسلم، وليس الخوف ولا الصمت ، فسلامة وعافيه نفوس وتفكير وأجسام الأطفال مقدمة على أي اعتبارات أخرى.
8.ضرورة ان يتم استكشاف مشاعر وأفكار الأطفال عند العودة من المدارس وفي الصباح، لأكتشاف اي اساءات يتعرضون لها، وخصوصاً الطلاب الصغار في الابتدائية.
9.أن يتم الطلب من الأخوة الأكبر عمراً او الأقران من أبناء الجيران أن يقضو الوقت مع بعضهم، وينتبهوا لبعضهم في الطريق والمدرسة.
10.إبلاغ الأطفال أن العنصريون يتصفون غالباً بالجبن، حتى وإن علا صوتهم، ويقوى المسيئون بصمت الضحايا، ويزداد عنفهم وأذاهم مع غياب الردع، ولنا فيما يحصل هذه السنة حولنا، خير دليل.
11..ضرورة تعزيز كرامة وثقة أطفالنا في البيت، وتجمعات الأسرة والاقارب ،من خلال السماح لهم بالتعبير عن افكارهم ومشاعرهم، فالإنسان الحر الكريم في بيته ومجتمعه هو بالضرورة حر كريم في كل مكان والعكس صحيح.
12.مع استمرار الإساءة وعدم التجاوب من المعلمين و الإدارات، وفي حال الإضطرار طلب نقل الطفل الى صف أخر أو مدرسة أخرى.
و أولاً واخيراً العمل على التكاتف والتعاون مع المحيط والجيران والمحبين والطيبين من جميع المؤسسات والجمعات وهم كثر، واللجوء الى الله سبحانه في كل وقت وحين ، “فالله خير ٌحافظاً وهو أرحم الراحمين”.
كتبها : صلاح الدين لكه ، مختص ومشرف في الصحة النفسية .في 20 أيلول 2023