نفى أستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق صحة ادعاءات وسائل إعلام نظام اﻷسد حول عدم وجود ديون مستحقة على الخزينة العامة، مؤكداً وجود عجز كبير.
وكانت مواقع إلكترونية موالية لسلطة اﻷسد تداولت خلال الأيام الماضية ما أسمته “ورقة عمل” قدمها المصرف المركزي، ادعت أن السجل المالي لحكومة سلطة اﻷسد “يخلو بصورة شبه كاملة من الديون الداخلية أو الخارجية، بعد أن شطبت روسيا ما تبقى لها من ديون متبقية من عهد الاتحاد السوفيتي”.
كما ادعت أن “الدين الخارجي يعتبر مضبوطاً ومحدوداً رغم ما تعرضت له الدولة من تخريب وتدمير خلال فترة الحرب”، بينما “تراكمت ديون الاقتصادات المتقدمة بسرعة وارتفعت تدريجياً في السنوات الماضية خاصة في أوروبا”.
وقال الدكتور عابد فضلية إن هذا التقرير “ضعيف ومتناقض وغير مهني”، مضيفاً أن “النص الذي تناقلته وسائل الإعلام هو عبارة عن ملخص (تم إعداده بتصرف) لورقة عمل سبق أن قام المصرف المركزي بإعدادها، لذلك لا يمكن إجراء تقييم دقيق لما ورد حرفياً فيها”، وموضحاً أن مؤشر تطور نسبة الديون عالمياً إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي هو “مؤشر ضعيف ومضلل لأنه عبارة عن متوسط ديون كافة دول العالم”.
وأضاف أن هذا المتوسط يعني أن هناك دولاً نسبة ديونها 0% أو 2% أو 10% من ناتجها المحلي، ودول نسبة ديونها 60%، ودول نسبة ديونها 150%، ودول أخرى 300%.. إلخ، وبالتالي “فالنسبة المتوسطة للديون العالمية غير معبرة عن نسبة ديون الدول منفردة”.
وأكد أن ادعاء خلو السجل المالي بصورة شبه كاملة، هو “قول غامض لأنه يذكر السجل المالي”، متسائلاً “ما هو المقصود بالضبط بهذا المصطلح، فهل هذا يعني أن هناك سجلات أخرى (علنية، سرية، مدنية، عسكرية)؟”.
وحول ادعاء أن روسيا شطبت ما لها من ديون متبقية من عهد الاتحاد السوفيتي، أشار فضيلة إلى أن “الوقائع الحقيقية لمسألة شطب وتصفية الديون الروسية هي الآتي: خلال زيارة بشار الأسد إلى موسكو عام 2005، تم الاتفاق على شطب كافة الديون المترتبة حتى تاريخ توقيع الاتفاق، عدا مبلغ (2.11 ) مليار دولار قامت سلطة اﻷسد بتسديدها آنذاك على شكل بضائع تم تصديرها وتغطيتها خلال عامي (2005- 2006 )”.
وبعد تنفيذ اتفاق تسوية الديون عام 2005 – يضيف الدكتور – تم فتح صفحة جديدة بين الجانبين، مؤكداً “عدم وجود معلومات جديدة فيما إذا ترتبت ديون جديدة بعد هذا التاريخ أم لا”.
كما شكّك فضيلة في صحة فكرة أن “الدين الخارجي يعتبر مضبوطاً ومحدوداً”، موضحاً أن هذا “يناقض ما ورد في الأسطر السابقة بأن السجل المالي يخلو من الديون الخارجية والداخلية، فالصحيح أن النص نفسه يقول إن هناك ديناً خارجياً”، كما أكد أن “نفي وجود دين داخلي غير صحيح على الإطلاق، ومن المؤسف أن يتم ذكر هذا النفي في وثائق رسمية وعلى صفحات إعلامية حكومية و رسمية”.
وشدّد على أن سلطة اﻷسد “تعاني من عجز في الموازنات العامة خلال السنوات الخمسة عشر الأخيرة، كما الأمر في الكثير من دول العالم، أي أن معظم هذه الموازنات تمت تغطية عجزها بالدين الداخلي وبيع سندات الخزينة العامة الذي تم مرتين خلال العامين الماضيين، وبيع مثل هذه السندات هو عبارة عن استدانة حكومية ( أي دين داخلي بمئات المليارات)، عدا عن (شهادات الإيداع) التي أصدرها وباعها المصرفي المركزي على دفعتين في العامين الماضيين بمئات المليارات، والمركزي بدوره قام بمنحها لوزارة المالية كدين داخلي لتغطية عجز الموازنة، بدليل ما ورد في النص حرفياً: (وفي الوقت الذي تعاني فيه الخزينة العامة للدولة من انخفاض شديد في وارداتها..)”.