نضال العبدو – حلب اليوم
يُصادف اليوم الخميس الذكرى السنوية الرابعة، لرحيل “منشد وحارس الثورة السورية”، عبد الباسط الساروت، وسط احتفاء من قبل الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي.
يقول صديقه الناشط “تامر تركماني” لـ”حلب اليوم” إنه يمثل “حالة” وليس شخصاً، “فاليوم تمر ذكرى استشهاده كرمز لتذكرنا بكل شهداء الثورة، بخلاف بعض اﻷحداث التي قد تُذكرنا بمواقع هنا وهناك لكن الساروت له رمزية معينة تشجعنا على أن نستمر في هذا الطريق ونحمل هذه الراية”.
وحول وضع والدته بعد أربع سنوات على رحيله، يؤكد “تركماني” أنها مازالت “صبورة محتسبة موقنة بالله رغم أنها فقدت 6 من أبنائها، فهي تؤمن بالله وتحتسب أولادها عنده”.
أما أقصى أمنياته فقد كانت العودة إلى حمص، ويؤكد صديقه أن اضطراره للخروج منها كان قاسياً جداً على نفسه حيث فقد ثلاثةً من إخوته هناك، ولطالما طالب بفتح جبهات أو شن هجمات لفك الحصار عن المدينة، كما تمنى تحرير سوريا كلها وانتصار الثورة.
وكانت أقصى أمنياته أيضاً؛ الشهادة، وفقاً لما أكده “تركماني”، مضيفاً بالقول: “هذا ما ناله، وهذا ما نتمناه جميعاً”.
رفض المال والجاه
كان عبد الباسط الساروت حارس مرمى في نادي الكرامة بمدينة حمص، وهو ابن حيّ “البياضة” من مواليد عام 1992، كما لعب حارساً لمرمى منتخب سورية للشباب أيضاً، قبل أن يلتحق بالثورة السورية في بداياتها منذ عام 2011، حيث قاد التظاهرات، بصوته الرخيم وهتافاته المتميزة حتى سُمّي “بلبل الثورة” ومنشدها.
اضطر لحمل السلاح مع أبناء مدينته، مع تشديد قوات اﻷسد حصارها وقصفها الهمجي، حتى انتهى اﻷمر بالتهجير إلى الريف الشمالي للمحافظة في عام 2014، ودخل حينها الساروت في فترة من العزلة، فيما نقلت عنه وسائل إعلام أنه بايع تنظيم “الدولة” كنوع من ردة الفعل تجاه الفصائل التي اتهمها بالتخاذل عن نصره المدينة، إلا أن الغموض يلف القضية حتى اليوم.
ظهر الساروت فيما بعد بريف إدلب، عقب تهجير الثوار من ريف حمص إلى شمال غربي البلاد، وحمل السلاح مجدداً ضمن مجموعة تتبع لفصيل “جيش العزة” حيث انضم إلى صفوفه مطلع عام 2018، وقاتل على جبهات ريف حماة، حتى أصيب ووافاه اﻷجل في أحد المشافي التركية، بتاريخ 8 حزيران من عام 2019، عن عمر ناهز 27 عاماً.
شارك في جنازته جمع غفير من السوريين في بلدة الريحانية جنوب تركيا، قبل أن يُنقل جثمانه إلى شمال إدلب، حيث دُفن هناك بموجب ما أوصى به سابقاً، عقب جنازة ضخمة شارك فيها عشرات اﻷلوف.
قال عدد من اﻷهالي في الشمال السوري لـ”حلب اليوم” إن رحيل منشد الثورة ما يزال محفوراً في ذاكرتهم، لما تمتع به من بساطة وعفوية، ولما لمسوه في مسيرته من صدق، وبُعد عن حبّ الترأس والمنفعة الشخصية.
من أبرز الأناشيد التي غناها؛ “جنة يا وطنا”، “يا يما توب جديد”، “حانن للحرية”، “راجعين على حمص”، و”لأجل عيونك يا حمص” و“سوريا ضلي واقفة”.
رفض الساروت الانتفاع بأية أموال من شهرته أو مكانته بالثورة السورية، ورفض المناصب، وعاش فقيراً وتوفي فقيراً بلا زواج، وترك عائلته في أوضاع صعبة.