كشفت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” في تحقيقٍ لها، أمس الثلاثاء، عن وجود شركة إعلامية مُسجّلة في بريطانيا، تنشر معلومات مضللة روسية لملايين الأشخاص الناطقين باللغة العربية حول العالم.
وبحسب التحقيق، تدعي الشركة الإعلامية “يلاّ نيوز” أنها تقدم أخباراً محايدة، إلا أن التحقيق أظهر أن معظم محتويات المنصة الإعلامية، ما هي إلا صورة مماثلة لقصص منشورة على المواقع الإعلامية الروسية، المدعومة من الحكومة، وتبين أيضاً أنها تعمل بالفعل من خارج سوريا.
وتتمتع مجموعة “يلاّ”، الشركة الأم لـ “يلاّ نيوز”، بحضور اجتماعي قوي في الفضاء الإلكتروني؛ إذ تمتلك ما لا يقل عن عشرين صفحة على منصة “فيسبوك”، جميعها أنتجت وعُدّت بإتقان وحرفية.
وتحرص المنصة الإعلامية “يلاّ ” – التي يتابعها حوالي ثلاثة ملايين شخص ناطق بالعربية – على تحميل مقاطع مصورة جذابة كل بضع ساعات على صفحاتها الإلكترونية، إذ تركز على نشر قصص ذات فائدة لمتابعيها مثل: مقابلات المشاهير، والأعمال الكوميدية، والسياسة العالمية.
وتُشير المعلومات المتعلقة بالموقع – حسب التحقيق – إلى أن أوراق اعتماده محايدة ومستقلة، لكن تم الملاحظة بشكل واضح أن “يلاّ” تتبنى قصصاً مؤيدة لروسيا، كما أن العديد من قصصها تطابق تقريباً تلك التي نُشرت على وسائل الإعلام الحكومية الروسية في نفس اليوم.
من جانبها، قالت الباحثة في مركز “مرونة المعلومات” في المملكة المتحدة، والتي تدرس تأثير العمليات الروسية على الإعلام بيلين كاراسكو رودريغيز، إن موقع “يلاّ نيوز” يعمل “كبوق للكرملين” في الشرق الأوسط.
وأضافت أن الإطار الزمني وأوجه التشابه بين قصص الإعلام الروسي الحكومي وموقع “يلاّ”، تُشير إلى أن “يلاّ” يُمكن أن تكون منصة “غسيل معلومات” تابعة لروسيا.
وتابعت: “بسبب شعبية يلاّ لدى الجماهير العربية، ربما تستخدمها المصادر التابعة للكرملين لنشر اهتمامات روسيا بين العقول العربية”.
عملاءها شخصيات موالية لسلطة الأسد
“بي بي سي” أوضحت أنه من بين عملاء “يلاّ” مشاهير وصحفيون سوريون موالون لسلطة الأسد، مثل الإعلامي “شادي حلوة”، الذي يمتلك محطة إذاعة تُمولها عائلة “القاطرجي”.
ولفت التحقيق إلى أن إذاعة “شام إف إم” تُعتبر جزءاً من عمليات “يلاّ نيوز”، وهي محطة إذاعية موالية لسلطة الأسد تبُث برامج سبوتنيك العربية – وهي جزء من شبكة الإذاعة الروسية الحكومية.
وأفاد المتخصصون في الشأن السوري ممن يعملون في قسم المتابعة الإعلامية في “بي بي سي” بأن وسائل الإعلام الموالية لسلطة الأسد وكذلك الخاصة “غالباً ما تكون مملوكة لرجال أعمال لهم صلات وثيقة بالمؤسسة السياسية والعسكرية”.
وأوضح الخبراء أن تسجيل المجموعة في المملكة المتحدة، قد يكون لتجنب اعتبار أنها تدار من بلد خاضع للعقوبات، الأمر الذي يسمح لها ببناء علاقات تجارية مع منصات مثل شركة “ميتا”، الشركة الأم لـ “فيسبوك”.
” بي بي سي” تمكنت من الوصول إلى الرئيس التنفيذي لشركة “يلاّ”، “أحمد مؤمنة”، وهو رجل أعمال سوري يعيش في دبي.
وأوضح “مؤمنة” أن”مجموعة يلاّ هي شركة مقرها المملكة المتحدة”. “لدينا أكثر من 500 عميل بما في ذلك شخصيات عامة وفنانين وأصحاب مواهب. ليس لدينا موظفون في لندن حتى الآن، ولكن يمكننا في المستقبل القريب أن نبدأ بالتوظيف هناك”.
وعند السؤال عن مقاطع الفيديو والقصص الموالية للكرملين على موقع “يلاّ نيوز”، قال: “محتوى يلاّ نيوز غير متحيز. سواء لـ سوريا أو روسيا أو أي شيء آخر، نحن نحترم الحيادية”.
وقال مؤمنة لبي بي سي إن “مجموعة يلاّ هي شركة مقرها المملكة المتحدة”. “لدينا أكثر من 500 عميل بما في ذلك شخصيات عامة وفنانين وأصحاب مواهب. ليس لدينا موظفون في لندن حتى الآن، ولكن يمكننا في المستقبل القريب أن نبدأ بالتوظيف هناك”.
كما سألناه عن مقاطع الفيديو والقصص الموالية للكرملين على موقع يلاّ نيوز، وقال: “محتوى يلاّ نيوز غير متحيز. سواء لـ سوريا أو روسيا أو أي شيء آخر، نحن نحترم الحيادية”.
وكذلك سأل فريقنا مؤمنة، إذا كانت شركته تتلقى تمويلًا من الحكومتين الروسية أو السورية؟ وأجاب “أنا الممول والمؤسس الوحيد لشركة يلاّ ولا أحد يستطيع التأثير علي”.
سألنا وكالة تسجيل الشركات التابعة لوزارة الأعمال والتجارة في المملكة المتحدة عن صحة تسجيل يلاّ لديهم، وقال المتحدث باسهم إنهم “لا يعلقون على الشركات الفردية” وليس لديهم “صلاحيات قانونية للتحقق من صحة المعلومات التي يتم تسليمها”.
وقال متحدث باسم شركة ميتا التي تمتلك فيسبوك، إن الشركة تعمل مع مدققي الحقائق التابعين لجهات خارجية من أجل مكافحة انتشار المعلومات المضللة على منصاتها.
كما اتصلنا بالحكومتين الروسية والسورية للاستفسار عما إذا كانت لهما صلة بـ يلاّ نيوز، لكننا لم نتلق ردا من أي منهما.