دعا قائد “هيئة تحرير الشام” في شمال غرب سوريا “أبو محمد الجولاني”، إلى رفض المسار التركي في التطبيع مع نظام اﻷسد، مع الحفاظ على موقف معتدل من اﻷتراك، منوهاً بأن المصالحة بين أنقرة واﻷسد لم تصل لمرحلة النضج بعد.
وقال الجولاني في تسجيل مصوّر أثناء لقائه مع “وجهاء المُهجّرين” في محافظة إدلب، نشرته صفحات تابعة للهئية، أمس الأربعاء، إن تركيا “لم تصل بعد إلى درجة التطبيع مع نظام اﻷسد”، وإنها ما تزال تخوض مباحثاتٍ سياسية ومفاوضاتٍ معه، لكنه حذّر من خطورة ذلك على “مبادئ الثورة السورية”.
ووصف ما يجري بأن “انعطافة جديدة لتركيا” لها أسبابها الخاصة، مع ما “يعانيه النظام والروس والإيرانيون من ضعف وهزائم”، مرجعاً ذلك إلى عاملين “الأول يتمثّل بالانتخابات التركية والثاني بطول الحرب التي تشهدها المنطقة”.
وأشار إلى أن “الإستراتيجية التركية لا تتوافق مع الكثير من أهداف الثورة في إسقاط النظام”، وقد “تحوّلت بعد التدخل الروسي عام 2015 إلى هدفين هما “عدم تغلغل النازحين في الشمال السوري باتجاهها، ومنع “قسد” من تشكيل كيان قرب حدودها”، وهو ما قد يتفق مع أهداف الثورة ولكن “جزئياً”.
الائتلاف السوري “لا يُمثل الثورة”
اعتبر “الجولاني” أن “الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة السورية”، لا يمثّل المعارضة السورية ولا الثورة، فهو “يتبع لجهات كثيرة خارجية”، ومن أعضائه “مندوبون لمصالح دول بأسماء سوريّة”، وهو غير قادر على المواجهة، ﻷن “القوة السياسية تعتمد على قوتها في الداخل”.
وأضاف أن “العدو يجب أن يواجَه بقوة عسكرية ومؤسسات مدنية وأمنية قوية بإمكانها أن تربط علاقاتها السياسية مع الخارج”.
“التوازن” مع تركيا
قال “الجولاني” إن العلاقات مع أنقرة “تحتاج إلى نوع من التوازن الدقيق”، واصفاً المرحلة الحالية بـ”الحرجة”، ولكنّه استبعد أن تُنهي الثورة، مشيراً إلى “المؤتمرات الخطيرة” التي عُقدت سابقاً ضدّ الثورة السورية ولكنها فشلت في التطبيق، مثل “جنيف” و”اللجنة الدستورية”، ومؤكداً على “ضرورة رفض تلك المسارات”.
ودعا “الجولاني” إلى اتخاذ موقف من هذه الخطوة التركية، معتبراً أن “الثورة قوية، وليست بالضعف الذي يجبرها على تقديم تنازلات للنظام”، وأن “الروس لم يمشوا في هذا المسار مع الأتراك إلا بسبب ضعفهم وضعف الإيرانيين”، داعياً الفصائل العسكرية إلى “التوحد”، و”العمل ضد المصالحة”، بعد أن رفضتها مختلف قيادات القوى التابعة للجيش الوطني في ريف حلب “بشكل أو بآخر”.
واعتبر أن “من يريد التطبيع مع نظام اﻷسد فإن عليه أن يسلّم سلاحه بيده ويسلّم نفسه للإعدام”، وأن جميع قوى المعارضة وصلت إلى مرحلة “تستطيع فيها أن تقول نعم أو لا”، وفصائل الجيش الوطني “تجتمع اليوم تحت سلطة واحدة وأغلب الفصائل الفاعلة انتظمت تحت قيادة مجلس عسكري موحّد”.
كما عاد وجدّد اﻹشارة إلى “عدم تأزيم العلاقة بين الثورة وتركيا لتصل إلى مرحلة الخصام والعداوة”، ﻷنه من غير المناسب أن “نُكثر العداوات على أنفسنا، ويكفينا عداء الروس والإيرانيين والنظام”، مضيفاً أن “الجانب التركي لم يقل لأحد بأنه سيذهب إلى التطبيع مع نظام اﻷسد ولم يضغط على أحد بقبولها”.
كما اعتبر “الجولاني” أن اﻷتراك “على عكس ما يُقال”، قد “اتخذوا موقفاً مدافعاً”، ويحاولون تبرير مسارهم الجديد بموضوع وقف تدفق المهجّرين وعدم تشكيل كيان لقوات “قسد” على حدودهم.
يُشار إلى أن الشرعيين التابعين للهيئة و”وزارة اﻷوقاف” في محافظة إدلب يعملون على الدعوة في خطبهم بالمساجد لرفض المسار التركي، والتأكيد على فكرة “رفض المجاهدين للمصالحة” مع الترويج للعمليات “الانغماسية” التي قامت بها الهيئة مؤخراً في المنطقة، ووضعها في سياق رفض التطبيع، والحديث عن “تحرير كافة مناطق البلاد”.