سلّط موقع lorientlejour الفرنسي الضوء على أوّل لقاء بين المسؤولين اﻷتراك ونظام اﻷسد، على مستوى الوزراء، منذ عام 2011، وفرص حصول التطبيع في العلاقات بين الجانبين وأبرز العقبات التي تواجهه.
وكان وزير الدفاع التركي “خلوصي أكار” قد ناقش مع نظيره في نظام اﻷسد، “علي محمود عباس”، ونظيرهما الروسي “سيرجي شويغو”، بالعاصمة الروسية موسكو، الأسبوع الماضي، “سبل حل الأزمة السورية وقضية اللاجئين”، وكذلك “الجهود المشتركة لمحاربة الجماعات اﻹرهابية وقوات “قسد” “.
ويأتي هذا الاجتماع رفيع المستوى بعد بوادر تقارب ثنائي، في وقت مبكر من أيلول/ سبتمبر، وفقاً لوكالة “رويترز”، حيث التقى رئيسا المخابرات لدى الجانبين عدة مرات في دمشق.
وقالت “إليزابيث تسوركوف”، الباحثة في معهد “نيولاينز” للإستراتيجيات والسياسة، في إفادتها للموقع إن تركيا وبعد دعمها النشط للمعارضة السورية، في أعقاب التدخل الروسي عام 2015، “بدأت تركز جهودها على محاربة قوات سوريا الديمقراطية”.
ويأتي اجتماع موسكو بعد أكثر من شهر على إطلاق عملية “السيف – المخلب” الجوية ضد قوات “قسد” في سوريا والعراق، إثر الهجوم على شارع الاستقلال في منتصف تشرين الثاني / نوفمبر في إسطنبول، بينما تهدد أنقرة بعمل بري جديد في شمال سوريا.
ويسعى “أردوغان” أيضاً إلى إنشاء منطقة عازلة للسماح بعودة حوالي 3.5 مليون لاجئ سوري بالعودة، بينما عملت روسيا وإيران، وراء الكواليس لتجنب تدخل عسكري تركي جديد ضد قوات “قسد”.
وبعد تراجع الرئيس التركي عن “العملية التي يقدمها داخلياً كحل لعودة اللاجئين السوريين”، وهو حل “يلقى ترحيباً أقل فأقل في تركيا وسط أزمة اقتصادية”، فقد أقدم على التطبيع في ضوء اقتراب موعد الانتخابات العامة التركية المقرر إجراؤها في يونيو 2023، وذلك وفقاً لـ”تسوركوف”.
واعتبرت الباحثة أن على الرئيس التركي “أن يُظهر لناخبيه أنه مستعد للشروع في مسار آخر، لأنه انتقد سابقاً هذا الموضوع عند طرحه من قبل أحزاب المعارضة، التي تقول إنها مستعدة لتطبيع العلاقات مع النظام من أجل إعادة اللاجئين إلى سوريا إذا فازت في الانتخابات”.
وحول إمكانية ذلك تؤكّد “تسوركوف” أنه “لا تزال هناك العديد من العقبات، بما في ذلك وجود القوات المسلحة التركية في سوريا، والتي يعتبرها النظام احتلالًا”، لكنّها ترى في المقابل أن “التطبيع بين أردوغان والأسد سيغير الديناميكية لصالح روسيا”.
وسينعكس “الانتصار الرمزي” هذا لمصلحة موسكو ضدّ الولايات المتحدة التي تنتهج سياسة العزلة والعقوبات ضد النظام، بحسب الباحثة، حيث تسعى روسيا أيضاً إلى تسريع آفاق إعادة إعمار سوريا، دون الاضطرار إلى دفع الثمن.
وبحسب “تسوركوف” فإنه “كلما زاد عدد الدول التي قامت بتطبيع علاقاتها مع النظام، زادت فرص الاستثمار لتحويل كومة الأنقاض التي يعيشها هذا البلد حالياً إلى قصة نجاح”.
ورجّحت الباحثة استمرار “إشارات التطبيع قبل الانتخابات في تركيا”، مستبعدةً حدوث “تغييرات حقيقية على الأرض”، لأن “النظام غير قادر على الاستجابة لتوقعات تركيا الرئيسية: القتال ضد قوات سوريا الديمقراطية وإمكانية عودة أعداد كبيرة من اللاجئين”.
من جانبه قال الباحث “آرون لوند” إن تركيا والنظام “إذا لم ينويا تسوية جميع خلافاتهما، فإن هذا التقارب قد يؤدي مع ذلك إلى وقف التصعيد” في الوقت الحاضر.
وأضاف أنه يجب أن تستمر اللقاءات الدبلوماسية، من أجل الحفاظ على التهدئة، حيث أعلن وزير الخارجية التركي، “مولود تشاووش أوغلو” أن ذلك سيحدث في الفترة المقبلة.
وفي حال تقدمت المناقشات – يضيف لوند – فإنه من الممكن أن يتخذ التعاون عدة أشكال، لا سيما في ملف قوات “قسد”، ويمكن أن يكون أحدها إنشاء عمليات مشتركة، أو ضغط سياسي واقتصادي مشترك.
أما بالنسبة للسوريين المعارضين للنظام الذين يعيشون في تركيا أو في سوريا؛ يُعتبر هذا التقارب “خبراً سيئاً بشكل واضح”، بحسب “لوند”، ورغم أنه يستبعد حدوث عمليات ترحيل جماعية في المستقبل، لكن “النشطاء سيشعرون بالتهديد”.
يُشار إلى أن مصادر تركية كشفت عن عدم توصل اجتماع موسكو إلى أي تفاهم أساسي بين المسؤولين اﻷتراك ونظام اﻷسد، حيث لا يزال كل طرف غير قادر على تحقيق مطالب الطرف اﻵخر، وخصوصاً فيما يتعلق بقضية قوات “قسد”.