دعت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إلى حل ملف أكثر من 42,400 أجنبي متهمين بأن لهم صلات مع تنظيم “الدولة”، ما زالوا متروكين من قبل بلدانهم في المخيمات والسجون في شمال شرق سوريا، مؤكدةً وقوع انتهاكات جسيمة.
وأكدت المنظمة في تقرير نشرته اليوم الخميس، أن زيادة عمليات إعادة النساء والأطفال إلى أوطانهم في الأشهر الأخيرة، لم تؤدِّ إلى حل المشكلة، حيث تحتجزهم قوات “قسد”، ومعظمهم من الأطفال، إلى جانب 23,200 سوري، في ظروف تهدد حياتهم.
وقال موظفون وعمال إغاثة ومحتجزون إن أطفالاً غرقوا في حفر الصرف الصحي، وماتوا في حرائق الخيام، ودهستهم شاحنات مياه، ومات المئات نتيجة أمراض يمكن علاجها.
من جانبها؛ أكدت “ليتا تايلر”، المديرة المشاركة لقسم الأزمات والنزاعات في “هيومن رايتس ووتش” وجود “حاجة ملحة لقيام جميع الحكومات بالمساعدة في إنهاء الاحتجاز غير القانوني لمواطنيها في شمال شرق سوريا، والسماح للجميع بالعودة إلى ديارهم ومحاكمة البالغين حسب الاقتضاء”.
ونوهت بأنه “مقابل كل شخص أعيد إلى المنزل، لا يزال سبعة آخرون محتجزين في ظروف جائرة، ومعظمهم من الأطفال”.
وأشار التقرير إلى نقص الرعاية الطبية والمياه النظيفة والمأوى والتعليم والترفيه للأطفال، وقالت الأمهات إنهن “يخفين أطفالهن في خيامهن لحمايتهم من المعتدين الجنسيين وحراس المخيمات ومُجنِدي تنظيم “الدولة” “.
وأكدت ست نساء أن الحراس الذين نقلوهن إلى مراكز احتجاز لأسابيع أو شهور، أساءوا إليهن جسدياً وتركوا أطفالهن ليعولوا أنفسهم، فيما قال الفتيان وأمهاتهم إن الحراس أخفوا قسراً فتياناً مراهقين من المخيمات ووضعوهم في مراكز احتجاز، حيث فقدوا الاتصال بأقاربهم لشهور أو سنوات.
وذكر رجل عراقي في مخيم “الهول” أن موالين لتنظيم “الدولة” قتلوا العديد من أقاربه المقربين في المخيم عام 2022، فيما قالت امرأة في مخيم “روج آفا” إن الحراس احتجزوها لعدة أيام في أوائل 2022 في مرحاض، حيث استجوبوها وعرضوها لصدمات كهربائية، واتهموها بالتورط في احتجاج في المخيم.
وفي سجن “علايا”، طالب مراهق فرنسي جريح خطفه الحراس من عائلته ووضعوه في زنزانة مزدحمة لمدة 23 ساعة في اليوم بتلقي الرعاية لذراعه التي أصيبت بالعجز، لكنه قال إن الأهم من ذلك كله: “أريد فقط أن أرى والدتي”.
وينحدر الأجانب المحتجزون والمتهمون بالانتماء إلى تنظيم “الدولة” من 60 دولة؛ تم القبض على معظمهم من قبل قوات “قسد”، فيما لم يمثل أي من الأجانب أمام سلطة قضائية في شمال شرق سوريا لتحديد ضرورة وقانونية احتجازهم، مما يجعل أسرهم تعسفياً وغير قانوني.
وأشارت “هيومن رايتس” إلى أن الاحتجاز على أساس الروابط الأسرية فقط يرقى إلى عقوبة جماعية، وهي جريمة حرب، حيث يُحتجَز الأجانب في شمال شرق سوريا بموافقة ضمنية أو صريحة من بلدانهم الأصلية.
وقامت بعض الدول، مثل المملكة المتحدة والدنمارك، بإسقاط الجنسية عن العديد من مواطنيها أو بعضهم، تاركة العديد منهم دون جنسية في انتهاك لحقوقهم، وقالت “هيومن رايتس ووتش” إن الحكومات التي تساهم عن علم وبشكل كبير في هذا الحبس التعسفي قد تكون متواطئة في الاحتجاز غير القانوني للأجانب.
ونوّه التقرير بأن “الاحتجاز غير القانوني يُرتكب كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين”، ما يعني أن سياسة الدولة أو المنظمة لاحتجاز الأشخاص بشكل غير قانوني، يمكن أن يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية.
وكانت 34 دولة على الأقل قد أعادت أو سمحت بالعودة لأكثر من ستة آلاف أجنبي، منذ 2019، بما في ذلك ما يقرب من أربعة آلاف إلى العراق المجاور، وفقاً لأرقام من “الإدارة الذاتية”، وجهات اتصال أخرى، فيما زادت عمليات الإعادة إلى الوطن في 2022 مع إعادة أكثر من 3,100 أجنبي إلى أوطانهم حتى 1 ديسمبر/كانون الأول.