يراقب نظام اﻷسد تركيا التي تتقدم نحو هجوم بري في شمال شرق سوريا، في أعقاب القصف عبر الحدود بين أنقرة وقوات “قسد”، وتهديدات الجيش التركي بشنّ عملية جديدة.
وكان الطيران التركي قد قام يوم الأحد بعملية جوية استهدفت “قسد” في شمال شرقي سوريا، وفي شمال العراق، ردّاً على تفجير إسطنبول الذي أوقع عدداً كبيراً من القتلى والجرحى، في 13 تشرين الثاني.
حتى الآن، أدى الهجوم الجوي، الذي استهدف عدة مواقع في شمال سوريا، بما في ذلك مواقع في “تل رفعت” و”عين العرب”، إلى مقتل العشرات، بينهم عناصر من قوات النظام و”قسد”.
وتسببت صواريخ أطلقتها “قوات سوريا الديمقراطية” في مقتل ثلاثة أشخاص بمنطقة “كركاميش” التركية، بالقرب من معبر حدودي في محافظة “غازي عنتاب”، مما دفع أنقرة إلى الاقتراب من عملية برية.
على الرغم من التوغل الذي يلوح في الأفق والخطر على قوات النظام، كان اﻷخير متردداً في التهديد بالانتقام، لا سيما وأن حليفته روسيا تبدو غير مهتمة بمواجهة أخرى لأنها تحول الموارد إلى الحرب في أوكرانيا، وفقاً لتقرير نشره موقع Middle East Eye.
وأقرّ “مصدر في وزارة خارجية اﻷسد” للموقع بأن النظام “في موقف صعب” على الرغم من ادعائه بأنه “لن يتردد في الدفاع عن نفسه”.
وأضاف المصدر “الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته”: “عندما يتعلق الأمر بوحدة الأراضي والسيادة، سنقف كواحد، وعلى الرغم من أن تركيا لديها مخاوف أمنية خاصة بها، فلا ينبغي استخدام ذلك كذريعة لخلق أعمال عدائية وغزو الأراضي”.
وبينما قال الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” في وقت سابق هذا الأسبوع إن الهجوم الأخير سيقتصر على الهجمات الجوية، فقد “تغيرت النبرة في أنقرة منذ ذلك الحين”.
وذكرت مصادر لموقع Middle East Eye، يوم الجمعة أن المسؤولين الأتراك والروس يتفاوضون بشأن عملية عسكرية تركية صغيرة الحجم في الأسابيع المقبلة.
ولفت الموقع إلى أن العملية البرية قد تؤدي إلى “مواجهة مع قوات النظام التي تعمل في مناطق قريبة من تلك التي تديرها قوات ‘قسد’ “.
وكان رد النظام “صامتاً إلى حد كبير” تجاه ضربات يوم اﻷحد التي أودت بحياة عناصر من قواته، باستثناء تصريح مقتضب من نائب وزير الخارجية “أيمن سوسان” الذي ندد بأفعال “الغزوين الأمريكي والتركي” وقال إن نظام الأسد “سيفعل أي شيء لحماية أراضيه”.
واعتبر أن “ضمان الأمن لا يأتي من خلال العدوان والهجمات والغزو، بل من خلال التعاون، والمسؤولية عن الأمن في دول الجوار مسؤولية مشتركة”.
ووفقاً للتقرير فقد يؤدي الهجوم أيضاً إلى “إفساد الخطط التي طال انتظارها للتقارب بين تركيا والنظام، والتي بدأت عندما التقى رئيس جهاز المخابرات التركي هاكان فيدان برئيس جهاز مخابرات اﻷسد، علي مملوك ، في أيلول.
وفي هذه اﻷثناء فقد أخذت روسيا “المقعد الخلفي” حيث تم تخفيض دور روسيا إلى مراقب بسبب وجودها في الحرب الأوكرانية وعدم استعدادها لمواجهة تركيا، وهو “ما ترك النظام في صداع كبير حول مواجهة تركيا أو التراجع”.
وأضاف المصدر بوزارة خارجية النظام أن روسيا “أشرفت في السابق على خطوط الاتصال بين النظام وأنقرة”، موضحاً أنه “كان من المهم دائماً الحفاظ على اتصال أمني أو إقامته في نقاط معينة مع مصالح مشتركة، وفي منطقة عمليات ضيقة، يكون وجود خط ساخن أمني أو تفاهم أمراً حاسماً بين الدول المجاورة”.
وفي آخر مرة حصلت فيها المواجهات بإدلب عام 2020، فقد كان الحادث مكلفاً للغاية لجميع الأطراف، فقد قُتل عشرات الجنود الأتراك ومئات السوريين قبل التوصل إلى اتفاق لإنشاء ممرات أمنية.
ومع ذلك، فقد “تغير دور روسيا في الحرب السورية منذ أن شنت غزوها على أوكرانيا في وقت سابق من هذا العام” لكن “موسكو غارقة في حرب عميقة ومكلفة دفعتها إلى تحويل موارد مهمة بعيداً عن سوريا، مثل نظام الدفاع الجوي S300”.
وقال التقرير إن “أولوية روسيا هي تجنب الانجرار إلى اشتباكات معقدة في سوريا في وقت يظل فيه الحياد التركي في حرب أوكرانيا ورقة مساومة قوية لأنقرة”.
وكان المبعوث الروسي الخاص لسوريا، “ألكسندر لافرنتييف”، قد قال يوم الثلاثاء: “سندعو زملائنا الأتراك إلى التحلي بقدر من ضبط النفس من أجل منع تصعيد التوتر ليس فقط في مناطق شمال وشمال شرق سوريا ولكن في جميع أنحاء البلاد”.