سلّط تقرير مطوّل لموقع “المونيتور” الضوء على الهدف التركي بإقامة المنطقة اﻵمنة وإبعاد قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، و”PKK” عن الحدود، عبر التفاهم مع النظامين في سوريا والعراق، كما تطرق التقرير إلى اتفاقية أضنة.
واعتبر التقرير أن إقامة منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتراً على الحدود الجنوبية بأكملها، من سوريا إلى العراق، هو “هدف طموح للغاية”، بالنظر إلى الموقع والتضاريس والظروف السياسية.
ورغم أن “أردوغان” يبدي “مرونة لمقترح بوتين حول تقارب مع نظام الأسد”، لكنّه “يصرّ على خطته”، حيث رسم حدود المنطقة الآمنة التي تعاملت مع العراق وسوريا معاً لأول مرة، في الذكرى 951 لمعركة “ملاذكرد” التي حملت الأتراك إلى الأناضول، بحسب التقرير.
وقال حينها: “أعلن أن كفاحنا لن ينتهي حتى نؤمن حدودنا الجنوبية بممر بعمق 30 كيلومتراً من جانب إلى آخر، ندرك نفاق أولئك الذين يعارضون العملية، وسنواصل هذه العمليات حسب تخطيطنا”.
وتعكس هذه الكلمات أيضاً – وفقاً للتقرير – الاستياء الذي يشعر به من اقتراح التسوية الذي تضمّن شرطين: “على تركيا الانسحاب والتوقف عن دعم المنظمات الإرهابية”.
لكنّ “أردوغان” – يضيف المونيتور – يحدّد الشروط الأساسية للمصالحة المحتملة مع النظام، حيث يقال إن “تركيا ستحتفظ بحقها في السيطرة على قطاع بعمق 30 كيلومتراً حتى يتم استيفاء الشروط، أو تنفيذ عملية عسكرية متى شاءت ، حتى لو انسحبت”، و”إذا تمت إعادة كتابة اتفاقية أضنة، التي اقترحتها روسيا كأساس للسلام ، فيمكن توقع وضع إطار العمل في ذهن أردوغان على الطاولة”.
لكن “ليس من السهل على النظام أن يتبنى شرط الـ 30 كيلومتراً ، رافضاً التفسير القائل بأن اتفاقية أضنة، التي تم توقيعها بعد إبعاد زعيم حزب العمال الكردستاني “عبد الله أوجلان” من سوريا عام 1998، أعطت الحق في 5 كيلومترات من العمل”.
ووفقاً للتقرير، فقد نصت اتفاقية “أضنة” المكونة من خمس نقاط على إغلاق معسكرات تدريب حزب العمال، وإنهاء أنشطته التنظيمية التجارية، ومحاكمة أو تسليم المسلحين الأسرى، ومنع قادته من السفر إلى دول أخرى عبر سوريا، وإنشاء خط هاتفي مشترك ومجموعات عمل لتحديد الإجراءات الواجب اتخاذها.
وبحسب النص “لا تُمنح تركيا إمكانية إجراء عملية على بعد أكثر من 5 كيلومترات، لكنّ هذا اﻷمر مبنيّ على شرط سري، ورد في رسالة بتاريخ 22 تشرين الأول 1998، أرسلتها وزارة الخارجية التركية إلى المفوضية الأوروبية، تتضمّن عبارة: “إذا لم يقم الجانب السوري بمسؤولياته”.
ويشرح التقرير أن الحق في التدخل من جانب واحد غير موجود في اتفاق “أضنة”، حيث ورد في المادة السابعة: “يستكشف الطرفان إمكانيات القيام بعمليات مشتركة عند الضرورة”، وقد سجلت تركيا فقط شرط سحب وحدات حماية الشعب (YPG) المرتبطة بحزب العمال الكردستاني إلى ما دون 30 كيلومتراً في عام 2019 باتفاق ثنائي مع موسكو ، وليس النظام.
وبالنسبة لنظام اﻷسد، فإن “العائق الرئيسي أمام المصالحة هو الوجود العسكري التركي في سوريا، وبحسب الصحفي السوري “سركيس كسارجيان”، إذا انسحبت تركيا ، فقد يكون النظام مستعداً لتأمين ضمانات أمنية وتوسيع اتفاق “أضنة”.
ورجّح “كسارجيان” أن “هذه لعبة انتخابية، فلا أحد يعتقد أن تركيا ستنسحب من سوريا لذلك، فإن الانسحاب وإنهاء الدعم للفصائل شرط أساسي، وإذا لم تنسحب فلن تدخل دمشق في حوار”.
وبحسب الصحفي المؤيّد للنظام: “إذا تم استيفاء الشروط ، يمكن أن تغطي الاتفاقية الجديدة أيضاً 30 كيلومتراً، النقطة الأهم هي الحصول على موافقة النظام والقيام بكل شيء بالتنسيق؛ ثانيًا، يجب أن يكون هناك حل وسط بشأن من هو الإرهابي، لا يعتبر نظام اﻷسد YPG / SDG منظمة إرهابية”.
من جانبه؛ استبعد الرئيس المشارك للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية “بدران تشيا كردي”، أن يعلن النظام الحرب على “قسد” باسم المصالحة، معتبراً أن روسيا تحاول إغلاق المسافة بين الجانبين، كما أن النظام “لن يخاطر ويدخل في صراع عسكري ضد الإدارة المستقلة، حيث سيكون هذا انتحاراً”.
وعلى الجانب العراقي “يتم التساؤل عما إذا كان قد تم التصريح لأنقرة بالعمل على عمق 30 كيلومتراً، حيث انتهت السنوات التي استخدمت فيها تركيا البروتوكول الأمني الصادر في 15 تشرين الأول 1984 كأساس للعمليات العسكرية”.
ومنح ذلك البروتوكول لتركيا حق إجراء العملية العسكرية على عمق 10 كيلومترات، وحدد مدتها بثلاثة أيام، لكنّ هناك من يقصر هذه المسافة على 5 كيلومترات، إلا أن البروتوكول، الذي كان يمدد كل عامين، فقد صلاحيته لعدم تجديده عام 1988.
وقال الصحفي العراقي “عمر كوردغوزو” إنه “منذ عام 2018، تم إنشاء حوالي 40 قاعدة تركية، وتحققت الهيمنة على التلال الاستراتيجية، لكنّ حزب العمال الكردستاني غيّر استراتيجية انتشاره وعمل في وحدات صغيرة، فهيمنة التلال لا تعني أنه يمكنك السيطرة على المنطقة، وحزب العمال الكردستاني يستخدم الآن الوديان”.
من جانبه اعتبر خبير أمني وعسكري مقيم في أنقرة (لم يذكر التقرير اسمه) أن “كلام أردوغان هو بمثابة تصريح سياسي، حيث تعتمد خطته على تعاون السلطة القانونية من الجانب الآخر، ولكن على الرغم من أن الحزب الديمقراطي الكردستاني بأربيل في شراكة مع حكومة العراق، إلا أنه ليس بالقوة الكافية لجعل المنطقة آمنة من الجنوب”.