أدت قلة كمية المحصول من الحبوب والقمح في منطقة شرقي نهر الفرات، شمال شرقي سوريا، إلى إضافة عامل سلبي جديد على أزمة الخبز المرتقبة في عموم البلاد، خاصة مناطق سيطرة قسد والنظام، وسط مشاكل دولية كبيرة في الإمدادات، جراء الغزو الروسي ﻷوكرانيا وتغيّر المناخ وتبعات وباء كورونا.
وتتمثل أسباب انخفاض المحصول لهذا العام في قلة الأمطار ونقص الوقود وارتفاع أسعار الأسمدة، وفقا لتقرير أجرته وكالة “رويترز”، في مناطق سيطرة قسد، التي تشكل المصدر اﻷوّل للحبوب بسوريا، حيث أكدت أن المزارعين هناك يواجهون عاما سيئا.
وكان نظام اﻷسد قد أعلن مطلع الشهر الجاري أن مخزونه من القمح لا يكفي سوى لنهاية العام الحالي، في ظل أزمة مادية خانقة يعاني منها، وهو اﻷمر الذي بدأ ينعكس على بيع الخبز في مناطق سيطرته.
ويبدو – وفقا لرويترز – أن محصول القمح المخيب للآمال سيوجه ضربة أخرى للإمدادات الغذائية في عموم البلد، حيث قال أحد المزارعين إنه زرع حوالي خُمس المساحة التي كان يزرعها عادة هذا الموسم بسبب الصعوبات التي تفاقمت مع ارتفاع أسعار الأسمدة العالمية؛ أحد الآثار الجانبية لحرب أوكرانيا، فضلا عن شُح المازوت.
وقد تراجع إنتاج القمح السوري منذ عام 2011، فيما تؤكد الأمم المتحدة أن الاحتياجات في سوريا وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، ويقول عمران رضا، المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا، إن المؤشرات الأولية تنذر بموسم زراعي سيء آخر بعد انخفاض محصول عام 2021.
وأوضح رضا أن الحصاد تأثر بتأخر بداية هطول الأمطار، وفترات جفاف موسمية طويلة، وانقطاع مبكر للأمطار كانت له آثار مدمرة، كما تأثرت المحاصيل بالتغيرات المناخية بما في ذلك الصقيع والارتفاع الحاد في درجات الحرارة، مؤكدا أن مؤشرات حصاد الموسم المقبل مُثيرة للقلق.
وكان متوسط إنتاج سوريا السنوي من الحبوب يعادل 4.1 مليون طن قبل عام 2011، وهو ما كان يكفي لتلبية الطلب المحلي، لكنّه انخفض اليوم إلى نحو 1.05 مليون طن في عام 2021، وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو).
واردات القمح الروسي عاجزة عن سدّ العجز
أكّد التقرير أن واردات القمح من روسيا، سدت شيئا ما من الفجوة، لكنّها لم تحلّ المشكلة إطلاقا، فانعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء البلاد أصبح أكثر حدة من أي وقت مضى.
ويعاني اليوم 12.4 مليون سوري، أو ما يقرب من 70 بالمئة من سكان البلاد، من انعدام الأمن الغذائي، وفقا لبرنامج الأغذية العالمي.
وتشير أرقام “اﻹدارة الذاتية” التابعة لقسد إلى حصاد 379 ألف طن من القمح هذا العام في المنطقة، بينما الكمية المطلوبة هي 600 ألف من أجل تلبية احتياجات المنطقة فقط، مما يعني أنه لن يكون هناك فائض لتزويد نظام اﻷسد.
وأوضحت مسؤولة في “اﻹدارة الذاتية” أنه تم هذا العام حصاد مساحة صغيرة من المناطق التي تعتمد على الزراعة البعلية، بينما يعتمد المحصول في الغالب على الأراضي المروية.
من جانبها أكدت منظمة الفاو أن المزارعين في المناطق التي تعتمد على الزراعة البعلية في سوريا فقدوا معظم محاصيلهم للعام الثاني على التوالي.