أثارت التصريحات الرسمية التي أدلى بها رئيس إدارة المرور في حكومة النظام العميد “جهاد السعدي”، موجة من السخرية والسخط لدى أبناء المحافظات السورية الخاضعة لسيطرة النظام، عقب إعلانه عن توجيه التعليمات لعناصر الشرطة بالتعامل بكل “احترام” مع سائقي الدراجات النارية المنضبطين بقيادة الدراجات داخل المدن.
وحثّ العميد “السعدي” خلال تصريحاته لوسائل إعلام موالية العناصر الشرطية لعدم التعرض لسائقي الدراجات النارية الملتزمين بقواعد المرور، نظراً للأزمة المرورية التي تعاني منها المحافظات السورية بشكل عام بسبب تأخر وصول مستحقات المحروقات “بنزين – مازوت” لمستحقيها عبر البطاقة الذكية “تكامل”، بالتزامن مع ارتفاع أسعارها ضمن السوق السوداء بشكل غير مسبوق.
التصريحات الرسمية لاقت استهجاناً واسعاً من قبل أهالي محافظة حمص الذين أكدوا استمرار حملة مصادرة الدراجات النارية داخل المدينة، فضلاً عن توقيف العشرات من سائقي الدراجات “المهربة” وإحالتهم لفرع مديرية الجمارك من أجل العمل على إجراء “مصالحة” ودفع غرامة مالية تعادل ثلاثة أضعاف سعر الدراجة.
مراسل “حلب اليوم” في حمص قال إن دوريات مباحث المرور وعناصر الشرطة ماتزال تعمل على نصب كمائن مباغتة بهدف إلقاء القبض على أصحاب الدراجات النارية المهربة والنظامية “غير المنمرة” على حدّ سواء، موضّحاً أن حملة المصادرة مستمرة منذ منتصف شهر حزيران الماضي ولغاية الآن.
وأكّد مراسلنا في حمص “زيف التصريحات الرسمية الصادرة عن مدير إدارة المرور العميد جهاد السعدي”، الذي حاول من خلال تصريحاته تهدئة الشارع الحمصي الذي لم يعد يملك الأهالي وسيلة للتنقل سوى الدراجات النارية بعدما غابت وسائل النقل العامة عن المشهد بشكل شبه تام.
وتحدث “عبد الجليل الأسمر” أحد العاملين ضمن المنطقة الصناعية في حمص أنه يضّطر للمجازفة بالتنقل عبر دراجته النارية للوصول إلى عمله لسببين وجيهين، الأول عدم قدرته على ركوب “تكسي الأجرة” التي ارتفعت تسعيرتها بشكل لا يطاق بحيث أصبح أجرة الراكب الواحد من بلدة الغنطو إلى المنطقة الصناعية 4000 ليرة سورية، ما يعني أنه سيضطر لدفع 24 ألف ليرة بشكل أسبوعي، والسبب الثاني هو رغبته بالاستمرار بعمله الذي يعتبر مصدر رزقه الوحيد.
وأشار “الأسمر” إلى أنه يتشارك مع اثنين من زملائه ثمن ليتر البنزين بشكلٍ يومي من أجل التنقل ذهاباً وإياباً لعملهم، مردفاً بالقول: أن الحاجز التابع للمخابرات الجوية الموجود على مدخل الصناعة استغل حملة مصادرة الدراجات ليفرض بدوره أتاوة مالية على سائقيها من العاملين ضمن الصناعة من خلال إجبارهم على دفع مبلغ ألف ليرة مقابل السماح لهم بالدخول بشكلٍ يومي.
تجدر الإشارة إلى أن الأزمة المرورية التي تعصف بمناطق سيطرة النظام مستمرة منذ ما يقارب 20 يوماً، وسط عجز الجهات المختصة في حكومة النظام عن تلافي المشكلة من خلال تأمين المحروقات للسرافيس وحافلات النقل على الخطين الداخلي “ضمن المدينة” والخارجي المؤدي إلى القرى الريفية، الأمر الذي أوقع الأهالي ما بين مطرقة المصادرة وسندان الغلاء ودفع الأتاوات للحواجز المنتشرة على الطرقات للسماح لهم بالعبور لممارسة أعمالهم.