يصادف اليوم الأربعاء الثاني من شباط الذكرى الـ 40 لمجزرة حماة، والتي استمرت 27 يوماً، طالت محتجين في المدينة ضد حكم آل الأسد.
طوّق النظام حينها المدينة وقصفها بالمدفعية، ومن ثم أمر باجتياحها عسكرياً وارتكاب مجزرة مروعة، تحت قيادة العقيد “رفعت الأسد” شقيق رئيس النظام آنذاك “حافظ الأسد”، وسقط خلالها عشرات الآلاف من المدنيين بين قتيلٍ وجريح.
المجزرة التي ارتكبها آل الأسد بحق المدنيين في حماة راح ضحيتها ما بين 30 إلى 40 ألف مدني، إضافة إلى حوالي 15 ألف مفقود وتهجير 100 ألف شخص، بحسب تقارير حقوقية بينها تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
القصف على المدينة بقذائف المدفعية بعد تطويقها أسفر عن تدمير مئات المنازل فوق رؤوس أصحابها، وهدم أكثر من 80 مسجداً و3 كنائس، وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، قتلت قوات النظام خلال المجزرة 30 ألف شخص، في حين لا يُعرف حتى الآن مصير 17 ألفا تم اعتقالهم آنذاك.
من هي الفرق العسكرية التي اقتحمت حماة؟
ورغم بشاعة جرائم آل الأسد، إلا أن ما حدث بحماة يعتبر الأكثر مرارة وقسوة ضد المدنيين، فقد استخدمت حكومة النظام آنذاك سرايا الدّفاع بقيادة شقيق رئيس النظام “رفعت الأسد”، واللواء 47/ دبابات، واللواء 21/ ميكانيك، والفوج 21/ إنزال جوي (قوات خاصة).
إضافةً إلى ما سبق؛ شاركت مجموعات القمع من مخابرات النظام وفصائل حزبية مسلّحة، كما منح النظام القوات العسكرية الصلاحيات كاملة لضرب المدينة.
وتختلف الروايات في إحصاء عدد ضحايا مجزرة حماة، فاللجنة السورية لحقوق الإنسان أكدت أن عدد الضحايا يتراوح بين 30 – 40 ألف نسمة، فيما يرى آخرون أن القتلى أكثر من ذلك.
أين وقعت المجازر في المدينة؟
ارتكبت قوات الأسد في الرابع من شباط المجزرة الجماعية الأولى في المدينة، في حي جنوب الملعب الواقع بالقرب من مدخل حماة الجنوبي، رغم سيطرة النظام على هذا الحي بالأصل.
ووفقاً لشهود عيان، قتلت القوات المقتحمة، ومعظمها من “سرايا الدفاع” بقيادة رفعت الأسد، حوالي 1500 نسمة من سكان هذا الحي، وقضت فيه عائلات بأكملها بالإعدام الميداني.
ونفذت قوات النظام في الثامن من شباط نحو عشرة مجازر متفرقة في أحياء السوق، قتل خلالها نحو ألف مدني في مناطق متفرقة، وأبرزها مجازر حي الباشورة والسوق الطويل.
وفي الخميس 11 شباط، سيطرت قوات النظام على حيي المناخ والأميرية، واشتد الحصار على حي البارودية الأثري، وفي ذات اليوم، بدأت باستهداف حي الكيلانية العريق في حماة، فأحرقت ودمرت قصوره ومساجده حتى سيطرت علي البارودية في 23 شباط.
في الجمعة 26 شباط، وبعد سيطرة قوات النظام الكاملة على حماة، اقتحمت منازل المدينة وساقت نحو 1500 مدني إلى منطقة زراعية على أطراف المدينة الجنوبية، وأعدمتهم ميدانياً، بإشراف “رفعت الأسد”.
الخروج بمسيرة تأييد للنظام عقب المجزرة
قوات النظام أجبرت الأهالي، عقب المجازر التي ارتكبتها، على الخروج بمسيرة تأييد لرئيس النظام آنذاك “حافظ الأسد”، في شارع 8 آذار وسط حماة، هتفوا فيها “بالروح بالدم نفديك يا حافظ”.
ولا تزال ذكرى مجزرة حماة المروعة ماثلة في أذهان أهالي المدينة حتى الآن، والصور المرعبة والفظائع التي ارتكبت أثناء تلك المجزرة جعلت أهالي المدينة يعيشون في خوف دائم من النظام حتى اليوم، إذ لا تكاد تخلو عائلة في حماة إلا وفيها قتيل أو مفقود أو مهاجر جراء تلك المجزرة.
أين “رفعت الأسد” الآن؟
أفادت مصادر مقربة من عائلة “رفعت الأسد”، عم رئيس النظام “بشار الأسد”، وشقيق والده “حافظ الأسد”، بأنه عاد ليستقر في سوريا، وذلك في 8 تشرين الأول الماضي.
هذه العودة جاءت بعد اتصالات مكثفة مع حكومة النظام التي سمحت له بالدخول، “مراعاة لظروفه الصحية، ورغبة في طي صفحة الخلاف والتسامح”.
الجدير بالذكر أن “رفعت الأسد” والمعروف باسم “جزار حماة” غادر سوريا بعد محاولة انقلابه الفاشلة على أخيه حافظ عام 1984، وانتقل إلى أوروبا ليعيش بنمط حياة فاره دون مصدر دخل واضح، ما دعا منظمة “الشفافية العالمية” ومجموعة “Sherpa” الفرنسية، عام 2014، لرفع شكوى اتهمتاه بها باستخدام شركات خارجية لغسل الأموال العامة من سوريا وفرنسا، وحكم بالسجن لمدة أربع سنوات، إلا أنه عاد إلى سوريا.
بعد أربعة عقود من وقوع “مجزرة حماة”، ما زال أهالي الضحايا بانتظار محاسبة مرتكبي هذه المجزرة، وعلى رأسهم “رفعت الأسد”.