فَقَدَ ألاف السكان من أهالي مدينة حمص منازلهم خلال الحرب الدائرة في سوريا بفعل القصف الممنهج الذي اتبعته قوات الأسد بهدف إعادة السيطرة على الأحياء، والمناطق التي خرجت عن حكمها منذ اندلاع الثورة السورية، وعلى الرغم من تهجير عدد كبير من سكان الأحياء التي ثارت بوجه نظام الأسد في حمص نحو الشمال السوري وبقاء منازلهم صامدة دون الانهيار إلا أن الكثير من أصحابها لم يعد لديهم القدرة على العودة إليها بسبب الملاحقات الأمنية، أو أن بعضاً من أقاربهم قرروا الذهاب إلى مناطق سيطرة المعارضة في مدينة إدلب.
الأفرع الأمنية تسهل الاستيلاء على أملاك المهجرين:
مراسل حلب اليوم في حمص أفاد عن قيام مجموعة مستثمرين من المُقرّبين من نظام الأسد بالعمل على ترميم، وإصلاح منازل تعود ملكيتها لأشخاص أجبرتهم الحرب على مغادرتها، منهم من شارك بالحراك الثوري، ومنهم من فضّل النأي بالنفس، لكن الأمر كان سيان لكلا الطرفين.
وأضاف مراسلنا أن اسم المقاول “حبيب بدور” لمع بشكل لافت خلال العامين الفائتين عقب إنهاء الوجود العسكري المعارض لحكم الأسد في محافظة حمص بالكامل، حيث بدأ العمل بالحصول على تراخيص لإزالة الأنقاض من الأحياء المُدمّرة، ليقوم فيما بعد بترميم المنازل، والشقق السكنية، وتأجيرها لصالحه الشخصي في أحياء القصور، ووادي السايح، والخالدية تحت مرأى من الأفرع الأمنية التي لم تحرك ساكناً باعتبار (بدور) أحد المقربين من رئيس فرع أمن الدولة العميد “مدين ندّة”.
عبد الحكيم الكحيل أحد أبناء حي القصور (لاجئ في ألمانيا) تحدث خلال اتصال هاتفي مع حلب اليوم عن فشل أقربائه الذين فضلوا البقاء في حمص بالعودة إلى منزلهم الكائن في شارع (عالي-واطي) في الحي، وذلك عقب رفض فرع المخابرات الجوية طلب عودتهم للحي باعتبار أن لديهم شقيق استشهد خلال فترة الحصار على أحياء حمص القديمة، لتكون المفاجئة في وقت لاحق بقيام المدعو (أبو الزين) بترميم مجموعة من المنازل، ومن ضمنها منزلهم، والعمل على تأجير بعضها كمستودعات للتجار، والقسم الأخر شقق مفروشة.

توطين ميليشيات إيرانية في أحياء حمص المهجرة:
وفي سياق متّصل أفادت مصادر أهلية لقناة حلب اليوم فضلت عدم الكشف عن اسمها لضرورات أمنية عن قيام ضباط أمنيين متنفذين بالقرار في محافظة حمص بالعمل على فتح منازل المهجرين نحو شمال سوريا من أبناء أحياء البياضة، ودير بعلبة لعناصر من ميليشيات أفغانية تقاتل في صفوف ميليشيا الحرس الثوري الإيراني شرقي حمص، بالتزامن مع فتح الباب على مصرعيه أمام العائلات التي تمّ إجلائها من قريتي الفوعا، وكفريا الواقعة في ريف إدلب في أبريل/نيسان من العام 2017.
وتجدر الإشارة إلى أن حكومة الأسد ساهمت بانتشار ظاهرة سلب ممتلكات المعارضين لحكمها في سوريا مُنّذ أن تم إصدرا المرسوم رقم (10) في العام 2018 الذي نصّ على ضرورة إثبات أصحاب العقارات ضمن مناطق سيطرتها ملكيتهم للعقار من خلال تقديم أوراق رسمية، الأمر الذي اعتبر بمثابة سلب الحقوق لأصحابها نظراً لفقدانهم للأوراق الثبوتية بفعل الدمار ولحرب التي طالت منازلهم، أو لعدم قدرتهم على المثول في مناطق سيطرت الأسد خشية الاعتقال التعسفي، كما تكرر السيناريو مؤخراً من خلال الإعلان عن مناقصات لبيع ممتلكات المدنيين الذين تمّ تهجيرهم نحو الشمال السوري من ريفي حماة وإدلب.