خاص حلب اليوم
انضم الزواج إلى قائمة طويلة من أحلام السوريين صعبة المنال، والتي أصبحت مكلفة بقدر لا يمكنهم تحمله في ظل الغلاء المعيشي والانهيار الاقتصادي الحاصل في مناطق سيطرة النظام.
ويعتبر الزواج واحداً من أكثر الأمور تعقيداً خلال الفترة الأخيرة، حيث أصبح يتطلب تكاليف هائلة، لا يستطيع الشباب السوري تحملها مع الأجور التي يتقاضونها، وارتفاع نسبة البطالة مع التجاهل الحكومي لتوفير الدعم والمساعدة لمن يرغبون بالاستقرار الاجتماعي.
ترتيبات خفيفة وأرقام خيالية
يسعى الكثير من المقبلين على الزواج على ترتيب أوضاعهم بأقل التكاليف، حيث يتم التعاهد مع ذوي العروس على أن يكون المهر مؤجلاً، وأن يتم العمل على تأمين الاحتياجات الأساسية فقط، مع التأكيد على تخفيض عدد المدعوين، في محاولة لتخفيف أعباء هذه الخطوة.
سامي الأحمد (اسم وهمي) شاب مقبل على الزواج من ريف دمشق أكدّ أنّ جميع المحاولات لتخفيف أعباء الزواج المالية غير مجدية، حيث يضطر الشاب لشراء غرفة النوم بسعر لا يقل عن 2 مليون ليرة، ويدفع تكاليف الحلي بأكثر من مليون ونصف، ناهيك عن تكاليف الدعوة والحفلة التي لا تقل عن مليون ليرة في أسوأ احتمالاتها.
ويضيف سامي أنّ اللباس وتكاليفه، وحفل الزواج تحتاج مبالغ تصل إلى 6 مليون في حدها الأدنى، وهي أرقام ممكنة نسبياً لكنها غير متوافقة مع الدخل والوضع المعيشي لمعظم السوريين، وفق قوله.
مسكن مفقود وصعوبة إضافية
ساهم الغلاء الكبير في حرمان المقبلين على الزواج من الحصول على مسكن دائم ومستقر، حيث يلجؤون للعيش في مساكن مؤقتة بالإيجار، أو الاضطرار للعيش مع ذويهم في غرفة واحدة ومنتفعات مشتركة.
ووفقاً لما أشار إليه “الأحمد” فإنّ هذه العقبة تساهم في إضافة تعقيد جديد للزواج، حيث لا تقبل جميع الفتيات بهذه الخيارات، كما يعتبرها كثير من الأهالي من نواقض أهلية الشاب المتقدم لخطبة ابنتهم، على الرغم من اطلاعهم على الأوضاع الراهنة.
مخاطر أمنية قاهرة
في الوقت الذي يأمل فيه الشباب لتأمين استقرارهم الاجتماعي، وتكوين أسرة جديدة، تواصل قوات النظام حملاتها الأمنية، بهدف اعتقال المتخلفين عن الخدمة العسكرية، والزج بهم على جبهات القتال في المناطق المشتعلة، الأمر الذي وضع الشباب السوري أمام تحدٍ آخر للظفر بعروس المستقبل مع هذه المصاعب.
ولم يخف مراسل “حلب اليوم” في دمشق أنّ نسبة ليست بالقليلة من الأسر اشترطت في عقود الزواج سفر الشاب أو تأمينه ملف الخدمة العسكرية، حتى لا يرموا ابنتهم للمجهول، وفقاً للتعبير السائد، بعد أن طلبت بعض الفتيات الطلاق بسبب تعرض أزواجهنّ للاعتقال بسبب التخلف عن الخدمة العسكرية.
مصاعب مالية وأخرى اجتماعية وأمنية، ترمي بالمقبلين على الزواج في دوامة من التحديات التي لا حد لها، فمنهم من يستسلم لهذه التحديات ويؤجل فكرة الزواج، وفئة قليلة تقبل خوضها والعمل على النجاة منها بالسفر أو الانشغال بعدة أعمال في وقت واحد إن أمكن له ذلك، فهل سيشهد الواقع الاجتماعي في سوريا تغييراً للأفضل، أم سيكون حلقة في سلسلة الظروف القاسية للسوريين!، يتساءل متابعون.